المشاركات

عرض المشاركات من 2017

كي نَــكتب ما لم يُكتَب بعد

صورة
تخيل أنك تجلس وسط عتمة كالصورة أدناه، ثم طُلِب منك أن تكتب أي شيء، فكم فكرة، وكلمة، وأطروحة سترهّل بها مخيلتك!؟ تخيل الآن أنك تجلس وسط بياض ساطع كالصورة التالية، ثم أردت أن تكتب؛ كم فكرة، وكلمة، وأطروحة مختلفاتٍ كلها ستتضافر على عقلك؟! الجواب واحد في كلا التخيلين، وهو: أنك قد تكتب، ولكنك لن تكتب الكثير! فالمخزون من الخيال ينفذ في شدة السواد، كما لا يستقيم بدون زاد حتى مع أشد الحقائق نصوعا. انتقل الآن خارج حدود ظرفيتك الآنية، تخيل أنك تسير في السوق، تركب الشاحنات المزدحمة، تنتظر في العيادات الخارجية، تحضر دروسا وورش عمل ومحاضرات من شتى مشارب الثقافة، أو في أقل الهيئات أنك تجلس في نافذتك أو شرفة بيتك المطلة على ما يموج من شؤون العالم والناس. هل هذا الوضع يجعلك أشد تيقظا لسرقة ظروف الآخرين فتحولها أولياتٍ لكتابات جديدة؟! ربما.. عُدْ الآن إلى حياتك وقسها بمنطق الحياة نفسه، هل تأكل حين تجوع، هل تنام حين تتعب ، هل تأرق أحيانا، هل تشعر بالسعادة عند حلول الأعياد، هل تدخل في حوارات وجدالات مع محيطك القريب، هل تشعر أنك تمتلك ما يملأ مخزونك الداخلي لتشعر بوجودك الحيوي

أقصى ما نستطيع على أقل ما نريد

صورة
الأ هداف التي يتطلع أحدنا لمتابعتها في حياته لا حدود لها، وكل يوم يأتي يحمل معه هدفا جديدا فينا ما نلبث أن نجعله هدفنا الوليد ليومنا القادم. غير أن الأمور قد لا تجري دوما على ما تشتهي الأهداف! أو حتى النوايا الطيبة! فكيف لو عكست العجلة دورانها وتنكبت الشوارع اتجاهاتها، هل ترانا نتوقف عن وضع الأهداف، أم نتوقف عن ركوب المركبات، أم نتوقف عن استقبال الصباحات بسرور؟!  أيا ما كان التصرف الشخصي الذي يسلكه كل منا في تجاوبه مع المستجدات غير المنضبطة في حياته، إلا أن شيئا واحدا يجب أن نكافح للحفاظ عليه: إ نه الحفاظ على سيطرتنا على أنفسنا، وعلى ما بين أيدينا من قليل!  القليل هنا هو المفتاح للعبور نحو التوازن. لا تلقِ بالا للتبذير العام في القدرات المنتشر في كل مكان والعواقب التي ما تلبث أن تتكشف عن سوء توظيف الطاقات أو حتى هدر الطاقات في غير مواقعها الحقيقية، سواء كانت هذه الطاقات هي الناس أو الموارد المالية، أو البيئية، فالمهم بالنسبة لك، أن تحافظ على مواردك أنت كي لا يسلبها منك هذا التطاحن الشرس على العبث بكل ثمين ومهم وثابت. نحفظ عافيتنا ضد أنماط الحياة غير الصحية.. نحفظ أوقات

إني لأود أن أهتم

صورة
الاهتمام! هل يصبح المقياس الجديد لتحقيقنا إنسانيتنا؟! وهل تراه كان كذلك دوما ولكننا لم ننتبه قبلا!! لا يوجد إنسان لا يستطيع أن يهتم؛ وأن يجعل  في حياته شيئا يهتم به، وتدور عليه أفكاره ، ويشعر معه بأنه يحقق طورا أعلى في ارتقائه فكريا وروحيا وحتى جسديا.  بناء بؤرة الاهتمام على الصعيد الشخصي لا تقل جهدا مما يفعله صاحب العلامة التجارية حين يبني الاهتمام الجماهيري حول المنتج أو الخدمة التي يقدمها. إنه فعليا جهد مبذول، وعمل مشهود، وفي النهاية ثواب مؤجل ومحفوظ. بأي شيء أهتم ؟! إن هذا السؤال يجب إدراجه ضمن أسئلتنا الصباحية كل يوم ونحن نسأل وعينا: ماذا علي أن أنجز اليوم؟ كم سيتطلب هذا الأمر أو ذاك من الوقت؟ ما هي قائمة أولوياتي اليوم؟! ثم ، ما الذي أهتم به وله في حياتي، اليوم؟! الاهتمام قد يكون طفلا نرعاه.. الاهتمام قد يكون مشروعا نعمل على بنائه.. الاهتمام قد يكون بيتا نجدد روحه ونسوي أركانه.. الاهتمام قد يكون علما ودراسة يستلزمان المتابعة والتحصيل.. والاهتمام الأحلى، أن يكون لنا حبٌّ نتعاهد الوفاء له، والعمل لأجله! ثم ضعْ هذا الحب حيثما أردت من تأويلاتك، ولكنه لا

الفكرة فيك أنت

صورة
لماذا فقدنا رضانا عن أنفسنا عندما ملكنا الوعي وتطورت فينا حاسة التمييز!؟ كيف يتحول الازدياد من المعرفة إلى محكٍ لإيذاء الإنسان؟ مع أن الإنسان يعجز عن العيش بدون المعرفة، بل يستحيل وجود إنساني دون معرفة تتراكم.  إن المعرفة التي لا تنبع من معايشتها لنا في كل أحوالنا هي معرفة "ضدية"، جاهزة للتعليب وليس صالحة للاستهلاك الآدمي. عندما يقوم حاجز يفصلنا عن فهم ذواتنا، أو استثمار مواهبنا، أو الجرأة عن التصريح بأمنياتنا؛ فإن كل ما نملكه من المعرفة لا يصير سوى قيود وأغلال تسبب جمود الفكر والروح معا. ولا غرابة في أن نرى إنسانا يحمل الدرجات العالية من الشهادات والوثائق ولكنه مغلق العقل على قواعد ميتة لا يمكن تطبيقها على الحياة لأنها لم تستخلص شؤونها من الحياة ذاتها ، التي هي حياتي أنا وأنت. المعرفة غير الملائمة لصاحبها، مثل الدواء الذي يوصف غلطا فيترك داء أشد استفحالا. المعرفة غير الملائمة تصيبنا بالضرر، وأعظم الضرر هو ضياع العمر وتفتيت قدرات العقل بما لا يعيننا على بناء شأننا الخاص وتجربتنا الفريدة في الحياة. اعرف ما هو مهم بالنسبة لك ، لا ما يتم إملاءه عليك، فمشكلة نظ

الشجاعة قبل كل جمال

صورة
عندما تناول الفلاسفة المسلمون ترتيب الخصال النفسية المثلى في الإنسان، وجدوا سريعا أن كل جمال يرتد في الإنسان إلى الشجاعة ، بما في في ذلك قابليته للحب! إذ لولا الشجاعة لما اقتحم الإنسان العلم وتحمل وعورة المعرفة التي تجعله ساميا كما أراده الله ، ولولا الشجاعة لما تقدم خطوة واحدة في طريق البحث والكشف وتفجير سنن الأرض والضرب فيها، ولولا الشجاعة لما تمكَّن من مقاومة نفسه حين تضطره إلى الانحدار في إغواء الشيطان. كما قرروا أن بين الفضائل والرذائل شعرة واحدة، فالصفة إذا زادت أو نقصت تصير في ذاتها رذيلة، والاستواء والوسط هو الفضيلة في كل شيء. فكانت الشجاعة وسطا بين التهور والجبن، فليست الشجاعة سرعة إبداء الرأي فيما حقه النظر والتدبر، كما ليس من الشجاعة التأخر في اتخاذ القرار فيما يجب فيه الحزم والإثبات. وفي مجالنا الرحب هنا ، وهو الحب، يصير الحب الشجاع هو أبقى الحب وأدومه. فالحب يلزم القلب الشجاع الذي يقرر أولا أن يدخل قصة الحب، ويلزم الإرادة الشجاعة في الحفاظ على الحب طاهرا ساميا، ويلزم الحياة الشجاعة التي تلزم نفسها بأن تكون في أفضل مكارمها وإن تعرضت للإغراء أو الاضطهاد، لأنها

الحب وطن من لا وطن له

صورة
الحبُّ، وطنُ الصابرة أحلامهم المؤمنة نواياهم. الحبُّ، وطنُ المساواة المطلقة عدلا وظلما. الحبُّ، وطنُ الباحثين عن  الحقيقة  مجردةً من نفسها. حين نحب نصنع صباحات لأوطان تنتظر أن توجد. كل يوم يأتي جديدا  لأنه يضع معنى وليدا لمعجم اللغة ذات الحب، أو الحب الذي ينمو في لغته. ولعل أجمل ما نوفي به دين الحياة أن نضيف الحب لتصرفات يومنا: ابتسم في وجه مَن لا تحب كن عادلا مع مَن ظلمك افتح بابا لم يُغلق بعد وكما يحجُّ الحاجُّ  برداء أبيضَ وقلب بغير لون، وعين تطمع في الرحمة؛ ابتكر أنت صباحك المرضي عند ربك.

مساحة من السماء

صورة
مساحة من السماء تعدل مساحتين من الأرض! هذا هو إعلاننا الجديد كلما فتحنا نافذة ونظرنا إلى السماء كيف تتبدل مع إشراقة كل يوم.  كان المعماريون القدماء يقولون بأن في البيت من النعيم بقدر ما فيه من السماء! وكانوا يقصدون أن يخطط مهندس البناء ليجعل منافذ في التصميم تسمح لكل من هو داخل المبنى أن يرى السماء متى ما أراد وبسهولة. وكان ستيف جوبز مؤسس شركة آبل يحلم بأن يبني مبنى يدخله الضوء الطبيعي على مدار اليوم مع واجهة رائعة من منظر الأشجار الكثيفة والسماء، وفعلا قد تحقق له ذلك بعد موته! ومن شاهد العرض الأخير لشركة آبل سيرى كيف أنه قد الانتهاء من المبنى، كما أراده ستيف جوبز الراحل. وإذا كان امتلاك قطعة من الأرض، يتطلب العناء والعداء وربما الفداء والاستشهاد؛ فإن السماء صدقة على العالم ممنوحة دون عقاب. السماء غطاء للأرواح، يقيها وحشة الوحدة، فالنظر إلى السماء يذكّرنا أننا لم نخلق أيتاما في هذا العالم، ولن يتسلل الضلال إلى بصائرنا ما دمنا نوقن أن في السماء وعدا ورزقا ونعيما. إن درس السماء هو :  ما دمنا نشعر بالارتياح بالنظر إلى السماء، فلماذا نخاف من التحليق فيها!

لا ظنون أكثر في حبنا

صورة
لعل من أسوا ما نتسبب به من الأذى لمن نحبهم هو أن نتركهم فريسة الظنون! تصور أنك تترك إنسانا يصارع ظنونه فيك أنت، هل تنتظر منه بعد ذلك أن يخلص لك في الحب، أوأن  يعيش معك أكثر في هذا العناء غير المنقضي بطبيعته؟!  هناك صنف من البشر يعتبرون أن ما يسببونه من قلق للآخرين هو الإثبات الوحيد على الحب، وهذا اشبه بالانحراف النفسي السلبي لا الإيحابي، إذ حتى الانحرافات الإيجابية تفضي في نهايتها إلى الأفضل، فمتى كان التوتر والقلق والهواجس والخوف تنتهي بأي طبيعة إنسانية إلى أن تصبح أفضل بحال!؟ أجمل ما في الحب أنه "تجلٍ"و "وضوح" و"بصيرة"، نعم، لذة الغموض في الحب هي في الأشياء الجديدة التي يجعلنا نعيشها عبر المشاعر والمذاقات لم نعرفها من قبل، فيصير في نفسه رحلة كشفية واكتشافية روحية وذهنية رائعة، ولهذا نحب الحب لأنه يمنحنا شيئا مختلفا حتى لو كان غامضا. وهذا على مستوى عيش الحب في ذاته، فيكون ما هو مجهول لذة. ولكن الحب أيضا يبني نفسه على الطمأنينة، إنها السكينة في أننا نعرف القلب الذي يحبنا ونحبه بكل وضوح وجلاء واستنارة الحال والمقال ، وأول الحب وآخره، وسواء ك

إننا مليئون

صورة
عندما نستيقظ صباحا، وقد سكنا للتو بيتنا الجديد، سنرى حولنا نواقص كثيرة!  فالغرف لم يكتمل تأثيثها، وأعمال الصيانة ما تزال متعثرة، وتوصيل الكهرباء والماء ما يزال على قوائم الانتظار، وحتى الدهان رطبا ينتش شعرنا وشعورنا كلما اقتربنا منه! ولا تسل حينها عن العصبية والخيبة التي نصاب بها جراء العيش في عالم غير مكتمل،، عالم ناقص. لقد اعتبر النقص عقدة نفسية ملازمة لحالة من الاغتراب عن فهم الذات عاشتها الإنسانية وستظل تعيشها. يكاد يكون من المستحيل أن نقول بأن إنسانا لم يخض في مرحلة من حياته "عقدة نقص" تجاه وضع أو موقف اصطلى بكآبتهما. مشاعر النقص مشاعر سوداء مريضة، لأنها تحرمنا أن نرى أي حسنة أو جمال أو ضوء ، لا فينا ولا في نهاية ما نحن فيه. بل إن أسوأ أفكار النقص تلك التي تفتِّر شجاعتنا عن الخروج من النقص ذاته!  والخروج من النقص قد لا يكون عبر الاكتمال، إنها مرحلة أخرى تلك التي نحاول أن نصير فيها أفضل اكتمالا ، ولكن الخروج من النقص يكون عبر ممارسة نوع من الفصل بين الواقع الاضطراري والمأمول البعيد من جهة، وبين ما نملكه فعلا ونحظى به الآن من جهة أخرى! ففي مثال البيت، ن

ما هو الأنسب لنا

صورة
لا شك أن طموح الإنسان لا حدود له! ولذلك خلقه الله بهبة التأثير في الحياة. وفي منعطفاتنا اليومية نقابل اختيارات ، صغيرة أو كبيرة، يلزمنا أن نتجه معها قرارا في أن نختار هذا، وندع ذاك. ابتداء من مهام سيدة المنزل، والطالب في المدرسة، والموظف في كل القطاعات، حتى صانع القرار وأيضا في أي قطاع.  لا نتدخل في القرارات العامة، ولكن ما نبتغي الإضاءة حوله هنا، هي تلك الاختيارات التي ينعكس علينا وحدنا سلوكها؛ لأنها سريعا ما ستصبح مصيرا مشتركا بيننا وهي. وقد تحدثت الكتب والدروس وورش العمل عن آلية الاختيار السليم بما يتوافق والظروف المحيطة بالفرد، وقابلية الفرد نفسه تجاه المتغيرات التي تمر به. إلا أن جانبا هاما يتم تجاهله ، ربما عن غير قصد، فيما يتعلق بالاختيار الذي يتلاءم وقدراتنا الجسدية! إن الحفاظ على الصحة الكلية لكينونتنا مهم جدا، وبدون هذه السلامة والعافية فإن كل قراراتنا في الحياة ستتغير جذريا، أو لعلنا سنكون غير قادرين على صنع أي قرار ما دمنا نعيش دون استواء معقول لا يؤثر على رؤيتنا وإرادتنا. ومن الخطأ الخطير أن نتصور أن الجسد موضوع للتعب والتحمل وحسب، نعم، نستطيع الوصول بالن

الحبُّ يُبطِل اللعنة

صورة
لن نتمكن من منع الآخر أن يواجهنا بغضبه خلال اليوم! تلك حقيقة لا بد وأن نعترف بها: وهي أن استقبال  الانفعالات السلبية من الآخرين هو من تشكيليات هذه الحياة. ولا كل الناس يعرفون كيف يقفون عند حدود انفعالهم فلا يكلفون به نفوسا منه برآء. وسواء أكان هذا الغير قريبا أم بعيدا، غريبا أم وليفًا، وليًّا حميما أم عدوًّا مبينا؛ فإن عواقب الاشتباك في أقدارنا المتشابكة واقع لا مهرب منه. ولأننا نريد أن نعيش بأنفسنا قبل أن نعيش بأمزجة الآخرين، فلا أجدى من أن نحيط أنفسنا بحب أنفسنا لندفع الامتدادات السلبية لتقلبات الأغيارعلينا.  إن الحب هو أقوى طاقة إيجابية تذوب في هالتها كل المنغصات النفسية والفكرية. وإن البقاء في حصن حبنا لأنفسنا ليحمينا من تبعات التدهور في مقابلة السلبية بالسلبية كي لا نحترق من حيث نظن أننا نستدفئ.

هو العاجز لا ريب.

صورة
العاجز هو من يود أن يرى الآخرين يتألمون فقط! إنه لا يكترث إن نجحوا أو فشلوا، إن حضروا أو غابوا ، إن قُتٍلوا أو ماتوا، فقط كل كل ما يشغله ؛ أن يمسوا حياتهم ويستقبلوا صباحاتهم وهم يتألمون . فتفكيره القاصر يوعز إليه أن الألم كفيل بقتل بهجة الأوقات الجميلة ، واقتلاع الإثارة من النجاحات  الأكيدة ، واستلال الأمان من المعيشة الهانئة. هذا الإنسان تراه يتفاعل بتطرف حين يرى المصائب تنزل على غيره: إنه يحزن بشدة ، يغضب بشدة، وهو أيضا يفرح بشدة، ولو بينه ونفسه!  ولربما أن فشله في ضبط التوازن عبر طرائقه في التعبير؛ هو الكاشف الذي يفصح عنه، بعد أن أفصح هو به. فمن تراه يقول لك : أموت لأجل فرحك! ثم يقول لك : أموت لأجل حزنك! ثم يسكت دون أن يقول: سأعيش معك حياتك كما هي، فهو إنسان عاجز لن يصيبك إلا بالألم.

الحبُّ الذي هو لنا

صورة
أجمل الصباحات تلك التي نراها تشرق في ابتسامة قرمزية تستلقي بجوار أحلامنا! نعود من الفناء  إلى الحب الذي نعلم أنه لنا من دون العالم، فهو يقدَّر كم نمنحه من مساحات روحنا، ولا يكلفنا الكثير كي نفسر له من نحن. إنه شؤون أوقاتنا كلها وشجون أفكارها، جرأته غير يسيرة في اقتلاع الظلام من زوايانا الخفية ليذوب منها الوهم كفتيلة الشاي تبعثر دمها في شربة ماء. بداخلنا فراغ بحجم قبضة الحب، حين نقترب منها تبتلع مقاومتنا وتردينا حيارى، فنثق حينها أننا قد وجدنا حبنا الذي هو لنا. الحب الذي هو لنا يحمل حنين الذكريات المخملية  الحب الذي هو لنا ينبض بدهشة التوقعات القادمة  الحب الذي هو لنا يتشرب بهيئات قلوبنا ليظل لها الحب الذي هو لنا يتدحرج على الأوتار الصامتة في كلماتنا غير المؤرخة بعد الحب الذي هو لنا؛ هو نحن بهيئته المعكوسة علينا! فلنجعل كلَّ حبٍّ هو حبُّ لنا انتهاءً، بأن نكون نحن له ابتداءً.

إن أنسَ فسأنسى

صورة
كل يوم جديد تصبحنا شمسه بفرصة جديدة؛ يكشف حاجتنا للنسيان! أن ننسى ما مضى ليس معناه أن نتهيأ أنه لم يحصل، لا، فإن القدر لا تعود ساعته إلى الخلف أبدا. ولكنه النسيان بمعنى تجاوز تبعات ما حصل، وإبقائه حيث بات بالأمس في إضبارة الماضي.  ثم  نحمل منه أنفسنا بحظوظ تحيط بها، وقد صارت أكثر اتساعا لأننا شاهدنا في زوايانا انفراجا لم نلحظه من قبل!  هكذا يُدرِك علماء الرياضات والفيزياء كيف أن هذا الكون يظل في اتساع حتى يبلغ النقطة التي يعود فيها للانكماش على ذاته، بمعنى أن يعيد اجترار نفسه وماضيه، وحينها يفنى!! أن نظل مؤطرين بما حصل، معناه أننا لا نملك المزيد ولا الجديد، ولا نحظى بلحظة هدوء نستجمع بها شعور؛  أن ما حصل قد حصل وانتهى. تجاوَز .. تجاوز.. تجاوز، التجاوز عن الذنب بالمغفرة تجاوز..تجاوز..تجاوز، التجاوز عن الفشل باستنئناف المحاولة مرة أخرى تجاوَ ز .. تجاوز .. تجاوز، التجاوز عن الخطأ بالصفح وفتح الصفحات الجديدات لو أتقنا سلوك "التجاوز" لعرفنا قيمة "النسيان" في معجزات عالمنا الداخلي، ولأدركنا قيمة أن نحظى كل يوم بيومنا الحقيقي لبناء فرصتنا التي نستحقها

كلمني وأكلمك

صورة
تخيل أنك تتحدث على خط هاتفي وحدك دون أن يجيبك أحد على الخط المقابل! تخيل أنك تجلس أمام نافذة وتتحدث دون أن ينظر إليك أحد من خلفها! تخيل أنك تدخل قاعة تحاضر فيها صفوفا خالية! تخيل أنك تقول بكل مشاعرك لآخر : أحبك،  ولكن هذا الآخر لا يكلُّمك! إنما كان التواصل من خصائص النوع الإنساني لأنه فعل تبادلي، أمنحك وتمنحني، أتيك وتأتي إليّ، أكلمك وتكلمني. فإذا كنا سنحاور الجدران، ونكلم النجوم، ونرقص مع المطر..فلا فائدة من وجودنا في نسيج متفرد يتميز بأنه يشعر ويفكر، ثم يُعلن عما يشعر به أو يفكر فيه. قل لي : نعم، حين أقول لك : استمع.. قل لي: لا ، حين أقول لك : هل تريد.. قل لي : لا بأس، حين أقول لك : أعتذر.. قل لي : وأنا كذلك أحبك، حين أقول لك : إني أحبك!

كيف أصبح مختلفا

صورة
المواقف المختلفة تصنع قراراتها المختلفة! ولكن ما هي مواصفات الموقف المختلف الذي يصنع منا شخصيات مختلفة، ونقصد بالأختلاف؛ تلك النماذج الإنسانية التي اثرت في مسيرة التاريخ وحيويته.  إن كيفية الاستجابة لما نمر به تحمل صورة ما سنكون عليه مستقبلا، فالمفاجأة المنتظرة من البهجة  التي تحملها كلمة "المستقبل" هي في الحقيقة انطباع عما قررنا نحن في اليوم السابق.  الغد هو ترجمة قراراتك وليس حصيلة أخطائك! وحين لا نتقن مهارة كيفية التفاعل مع ما نوضع فيه من اختبارات الحياة، وحين لا نمسك بزمام المبادرة باتخاذ القرار ، فإنه المستقبل لن يكون هو التوقف بل الخطأ ! النقيض من الفاعلية هو الخطأ ، لأن الفاعلية تشمل الدفع نحو الأمام، ولا وجود للفراغ في الفعل الإنساني، فإن لم تتحرك فسوف تخطئ، والفارق بين الخطأ المغفور وغير المغفور، بسيط جدا: فالخطأ المقبول ما نتج عن حركة ، أما الخطأ القاتل فما تولد كالفطريات السامة جراء الإهمال وعدم الفاعلية. الأعشاب التي ندوسها بأقدامنا لديها قابلية تحمل هذا الدهس لأنها خُلِقتْ له، والإنسان الذي يترك الآخرين يسبقونه في المسافة، ثم يتحكمون في قوانين الل

الهدف لا الحرمان

صورة
جميل أن نضع بين أعيننا هدفا حاسما لنحققه! ولكن هل نتابع العبارة ونقول : مهما تطلب هذا الهدف من زمن وتوابعه!؟ الزمن في تحقيق الأهداف قد يكون قصيرا ومحسوبا، وأحيانا قد يصير مفتوحا يشمل عمرا بأكمله، فهل يستحق أي هدف استهلاك العمر فيه كلية! مهما كان الهدف الذي نطمح إليه قويا، فهو في النهاية مؤطر بتبعيتنا لهذه الأرض، والأرض لا تتحرك بعنصر واحد معزولة عن عناصرها الأخرى، إن التربة هي جيوش غير منظورة من العناصر، وباطن الأرض مياه ونار وطبقات وحياة.. وأموات!؟ فلماذا نختار لأن نعيش أحياء في طبقة واحدة وأموات في كل الطبقات؟! إن الهدف الذي يجر معه: الحرمان من اكتساب المنافع المتاحة حتى لو كانت صغيرة، أوالذي يلزمنا الاعتكاف في زوايا الوهم، أو يعلّمنا كيف  قتل أسباب السعادة البسيطة، أو استبعاد لحظات الحظ العاجل ..،هذا النوع من الأهداف يخشى منه أن يكون فخا فخماً وليس غنيمة حقيقية. أريد أن أصل إلى الوزن المثالي وأنا في أتم صحة وعافية..  أريد أن أحقق معدلا ربحيا عاليا وأنا أتمتع بحياة اجتماعية صحيحة يشاركني فيها آخرون فرحة نجاحي..  أريد أن أؤلف كتابا أجد حولي عصبة تقرأه وتنشره..

صوتك الكتابي: "أنت وَ أيضا"!

صورة
ما ينبغي الاتفاق عليه هدفك في الكتابة ليس أن تبيع كتابك! بل أن تجمع ولاء القراء الذين سيعودون مرارا وتكرارا لشراء كتبك ومتابعة كل ما تنطق به لأنهم وجدوا لديك شيئا لم يجدوه عند غيرك، وهذا الذي لا يوجد عند غيرك هو أنت..صوتك الكتابي! حالات استجلاء الصوت الكتابي راقب ما هي المجالات المختارة في الموضوعات التي تطرقها الفنون الإبداعية المختلفة، مثل: ما هي البرامج المفضلة لديك لمتابعتها على الوسائل الإعلامية، ما هي الموضوعات النقاشية التي تستمع بالدخول فيها أو الاستماع إلى مجرياتها، ما هي القراءات التي تشدك قبل غيرها، فلو أنك مثلا دخلت إلى المكتبة لمطالعة أو شراء الكتب؛ فما هي الفئات التي تستولي على اهتمامك أولا، أو الكتّاب الذين تسارع لاقتناء كتبهم لبلورة أولى جهودك في القراءة. إن هذه الأنشطة الذهنية الإبداعية تقدم لك انطباعا أوليًا عن الأفكار التي تدور في عقلك والتي هي وقودك في الكتابة ، وتمثل في الوقت ذاته الخطوة الأسرع لاستخراج صوتك الكتابي الخاص بك. مارس الكثير من التدريبات الكتابية حين تكون تحت ضغط المشاعر المتضاربة. اكتب بالتفصيل عن كل ما يجعلك : تضحك، تغضب، تحزن

إني لا اشعر بك..يا عالمي

صورة
ها قد أتت إجازة نهاية الأسبوع!؟ مؤكد أن الأمر مفرح..ولكنه أيضا مقلِق!! الفرح بانتهاء أسبوع من العمل، الفرار من قيظ النهار، الابتعاد عن ضجيج المواصلات، أن ننسى ولو قليلا النماذج البشرية المزعجة في محيط العمل، ولربما أن الارتماء في أحضان النوم هو كل ما نتمناه الآن خاصة لو كان الأسبوع الأول لطلاب المدارس وأولياء الأمور على حد سواء، أو للعائدين من الإجازات بعد أسبوع من التأقلم الصعب مع تبعات ما بعد السفر، أو للموظفين المغبونين حقهم في الإجازة الوظيفية وهم يسمعون مغامرات زملائهم الرحَّالة!! كلنا إذا بحاجة إجازة نهاية الأسبوع هذه خاصة ، دون غيرها من الإجازات، لأنها ببساطة تشكل المرحلة الانتقالية بين أحوال متعددة، وهي صعوبة وقتية ولكنها حقيقية لنا جميعا. حتى بالنسبة لسيدات المنازل فهذا الأسبوع قد يعني الإعلان عن انتهاء مواسم المطاعم السريعة، والعودة إلى الكبسات!! الفكرة هنا تنصب على مدى ارتباطنا بعالمنا الداخلي الذي من المفترض أن يرحل معنا حيثما توجهنا، وأن يظل مزدهرا فينا في أي وقت من يومياتنا، ثم كيف نحافظ عليه مهما تقلّبت بنا المناسبات. إنه الاستشعار بذاتنا الباطنة، ونق

العمل واللا-عمل

صورة
كل يوم هناك أنجدات مليئة بالأعمال واللا-أعمال! نعم، إن هناك قدرا غير يسير مما نملئ به جداولنا كل يوم لا ينضبط إلا تحت ما يسمى "البقاء منشغلا"، دون أن نتنبه لعناء ما نكبده من إحباطات عند انتهاء اليوم حين نرى  أنه ما من شيء قد تحقق، ولا رصيد يتراكم في خبراتنا من أي مستوى. إن هذا النوع من السلوك المخادع في افتعال المشغولية، يناظره على وجه العملة الثاني، سلوك آخر هو "السير نائما"! قد يبدو هذا متناقضا بين مَن يريد أن يظل آليًا ولكنه معطلٌ في الوقت ذاته؟!  إن الفكرة هنا أن الانشغال لا يعني أنك في كامل طاقاتك الواعية، التي تجعلك قادرا على اختيار المهمة الأجدى إنجازا، وممارسة الإبداع الخاص بك. وهذه فعلا معضلة، وهي إحدى المشاكل التي تعيق تنمية الموارد البشرية لأي منظمة، فضلا عن الإهدار في السنوات فيما لو كان نظام حياة يعيشه الإنسان حتى في حياته الخاصة. كيف نفرق بين الأعمال واللا-أعمال، بين الانشغال والسير نائما، بين الهدر والانتاجية!؟ في فكرة بسيطة وعملية، قد يكون مجديًا لو أننا اتخذنا القرار التالي: لن نقف على المربع ذاته مرتين بعد الآن!! فالتخلص من تكر

انتقال أم نقلة

صورة
الحياة ليست لها قاعدة فيما هو جميل أو قبيح! ليس فقط بمراعاة اختلاف أحوال الناس واحدا دون آخر. بل حتى عند الإنسان الواحد، إذ ما يكون مقبولا في ساعة من العمر ، قد يصير صعبا ومرفوضا في ساعات أخر. ولعل هذا هو " الجمال العظيم " للحياة في الحقيقة، فالحياة الأصيلة هي التي تعرف كيف تتغير وقتما ترى إنسانها قد ركن إلى الخلو من الطموح، فتشده إلى مجهول مخيف وتعده بالوعد الجزيل حتى تستمكن منه قوة بعد ضعف، وعزما بعد همود. كل يوم هناك انتقال.. ليس بيوم الأرض، بل بيوم النفس! بالأمس انتقلت من عملي، اليوم أنتقل من بيتي، غدا أنتقل من كتاب إلى كتاب آخر، ومن فئة إنسانية أعيش بينها إلى جوار جديد، ومن طقس استمر ينخر في عقلي بشمسه وقيظه مدة خمسة شهور؛ إلى أيام رقيقة الهواء ولربما ذات غيث عميم بإذن الله. فلا حرج من الانتقالات مهما تعددت واختلفت، ما دام يتحقق جوهر الانتقال وهو:  النقلة ! الآفاق التي تفتح أصداءها في نسيجنا الفكري والروحي والعاطفي، وكيف نصير بعد النقلة غيرنا قبلها، وعلى أي شيء تحول حالنا إلى القوة والشجاعة والبصيرة؛ هذه هي التي ما تلبث أن تصير وقودنا للنقلات الأ

راحة أم تعب؟

صورة
تعاقبت الإنسانية على مراحل الاختراعات كما تعاقب عليها الليل والنهار. وفي كل دورة من التصنيع كان الجهد المبذول لا يتكافئ مع العائدات بلغة المال والأعمال. وهذا مفهوم من جهة أن الطاقات التي تعمل على أداء عملٍ ما، ليست كلها بالإمكان تعويضها، فالقدرات العقلية، مع الدوافع النفسية، مع الرياضات الجسدية، مع تدبير الوقت؛ تغدو في مجملها تبذيرا أكثر منه ادخارا؛ مهما كان النجاح المتوقع خلف الإنتاج الاقتصادي. ولكن هكذا هي حياة الإنسان وهذا هو قدره. إلا أننا لا ننكر أن ثمة دورة من الابتكارات قد أزاحت الصورة القديمة عن مخيلتنا، ونقصد صورة عامل المنجم المنهك والمتسخ جراء  استخراج الذهب، أو صورة الموظف الآلي الذي نفض علاقته مع حيوية الحياة. فدورة الابتكار التقني التي نعيشها منذ التسعينات قد رسمت ذاكرتها عبر صورة موحية للشاب الطموح المتدفق بالبساطة والبهجة معا، والذي ينظر إلى كل معضلة تواجهه على أنها فيلما وثائقيا قصيرا يريد إخراجه باحترافية عالية كي يتذكره في خبراته النفسية والعقلية فحسب. واللغة كذلك تغيرت مع الوثبة في روح هذا الشاب الذي يعمل في ظروف عمل مريحة نوعا ما بالقياس إلى أبي