إننا مليئون





عندما نستيقظ صباحا، وقد سكنا للتو بيتنا الجديد، سنرى حولنا نواقص كثيرة! 
فالغرف لم يكتمل تأثيثها، وأعمال الصيانة ما تزال متعثرة، وتوصيل الكهرباء والماء ما يزال على قوائم الانتظار، وحتى الدهان رطبا ينتش شعرنا وشعورنا كلما اقتربنا منه!
ولا تسل حينها عن العصبية والخيبة التي نصاب بها جراء العيش في عالم غير مكتمل،، عالم ناقص.
لقد اعتبر النقص عقدة نفسية ملازمة لحالة من الاغتراب عن فهم الذات عاشتها الإنسانية وستظل تعيشها. يكاد يكون من المستحيل أن نقول بأن إنسانا لم يخض في مرحلة من حياته "عقدة نقص" تجاه وضع أو موقف اصطلى بكآبتهما.
مشاعر النقص مشاعر سوداء مريضة، لأنها تحرمنا أن نرى أي حسنة أو جمال أو ضوء ، لا فينا ولا في نهاية ما نحن فيه. بل إن أسوأ أفكار النقص تلك التي تفتِّر شجاعتنا عن الخروج من النقص ذاته! 
والخروج من النقص قد لا يكون عبر الاكتمال، إنها مرحلة أخرى تلك التي نحاول أن نصير فيها أفضل اكتمالا ، ولكن الخروج من النقص يكون عبر ممارسة نوع من الفصل بين الواقع الاضطراري والمأمول البعيد من جهة، وبين ما نملكه فعلا ونحظى به الآن من جهة أخرى!
ففي مثال البيت، نستطيع الخروج من عقدة النقص بأن نرد على الأفكار السوداء: أخيرا، لقد صار لنا بيت! نعم، هو بيت بغير باب محكم الإغلاق، هو بيت بغير أثاث فاخر ولا تام، هو بيت لا يصلح بعد لاستقبال المهنيئن أو المتفرجين أو الحاسدين! ولكنه في النهاية ؛ بيت.. وهو بيتنا، ألا يكفي هذا الشعور بأن لدينا اكتمال يجبر النقوصات الصغيرة التي ستكتمل مع الأيام!
إنه سلوك نفسي بحت وتغيير في زاوية النظر لا أكثر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )