المشاركات

عرض المشاركات من يونيو, ٢٠١٢

كتابة الأيام السبعة

     اليوم هو السابع في الأسبوع الأول من هذه المدونة الوليدة : هذا يعني أني قد وفيت بما قدره سبعة أيام تامة من الكتابة المتواصلة تحقيقا لعهد ( كل يوم كتابة !)، يغامرني شعور عظيم بالنصر أن استطعت أن ألجم الفتورفي يراعي ، و أعلي صوت الشجاعة في عزمي طيلة الأيام السبعة ، لابد أنها ستكون أيام سعد بالنسبة لما هو قادم !! العجيب في الشك أنه  لايتردد ولا يتوانى عن الشرود بنا عما نعلم أنه يقين ،وكأنه يستل ثأر اسمه منا ،وإذا كانت المعاني كما قالت العرب منثورة متداولة وإنما الشأن كل الشأن في اللفظ الذي يلبسه المعنى ،لكنا في أمر مريج  حول قدرتنا على تأليف اسم متناه القصر ذكاء الوشوشة كالنفث الذي يحدثه  تفشي الشين وهمس الكاف المشددتين في كلمة ( الشّكّ).لقد كنت أشك في كل شيء يتعلق بهمّي الكتابي ،أشعر أني قد أوتيت قدرة ما على تدبيج الأفكار ولكن رهبة الموقف الكتابي من جهة ،والشعور الدائم بالمقارنة مع ذوي الأقلام من جهة ثانية ،كان يقتل إلحاح الأمنية فيعود كسير الحول والطول .هذا الشك لم يبرد شوقه غمار هذه الأيام السبعة ولكنه تمثل على صفة أخرى حافزا ضد عدم الكتابة وليس ضد الكتابة ذاتها ! وهذا من عجا

تجربتي الكتابية

     هكذا الأمور تسير في عالم الكتابة .. ترحال لا ينقطع بين تجارب بألوان شتى :عاطفية ، فكرية ، نفسية ،وجودية .. هي كل التجارب المتناقضة التي يعيشها الإنسان ابتداء من مكانته في الكون وحتى مصيره فيما بعد الموت ،ولعل العبارة الأبلغ في وصف كل كاتب ، أنه تجربة كتابة قد تفشل وقد تنجح ؛ولكن الفشل فيها مفيد ، والنجاح فيها عزيز . إن تجربة الكتابة –بصرف النظر عن مقصدها- لابد وأن تعزز بمقومات ثلاثة تقتسم ملاحظة الكاتب وهو يعيش تجربة الكتابة ،أولى هذه المقومات : توافر الكاتب على " هـمّ " حقيقي يعيشه ،إن سمو هذا الهمّ وربطه بقضية إنسانية يفسح أمام الكاتب فرصا فريدة في الوصول إلى كم أكبر من المعلومات أو التوصيفات حول " همّه الكتابي " ،إنه يتحول بالكتابة حينها إلى أشبه بقضية يجمع لها الأدلة والتقارير والمعطيات التي تجعله في النهاية يؤرخ لميلاد حركة اجتماعية أو فكرية في نصوصه ، وهنا نذكر على سبيل الذكر لا الحصر الكاتبة هارييت بيتشر ستاو صاحبة رواية كوخ العم توم ،لقد أحدثت هذه الكاتبة ثورة في مجتمعها رغم أنها أم لستة أطفال وربة بيت وحسب ،ولكن أرقها المتواصل حول همّ الرقّ وتفاق

لحظة الإلهام

     إنها اللحظة التي ينتظرها كل كاتب ،تماما كما الأرض تستمطر  الغيث بعد أن بارت فيها قوى الحياة . فهل الإلهام وقود الحياة للكتابة ؟ أم أنه أحيانا ما يتحول إلى قاتل للروح الإبداعية لدى الكاتب ؟ لاشك أن الكتابة الملهة أي التي تأتي جراء تولد الإلهام هي أعظم ما ينتج العقل وأسمى ما تستولده الروح ،ولعل أكثر ما خلده التاريخ من عبارات إنما كان نتاج هذا الشعور غير القابل للتفسير الذي يجري الحكمة على لسان القائل ،أو يفجر الإبداع في يراع الكاتب ،أو يغذي مسير المتفردين في غمار الحياة الدنيا .ولكن هل يعني ذلك أن نتوقف عن الكتابة إلا عندما يطرقنا الإلهام الذي هو شيء غير قابل للاستجلاب بقوة الإرادة ، وهو كذلك أشف جوهرا من أن نستطيع القبض عليه واستبقائه فترة من الزمان ريثما تنتهي السطور من مخاضها ؟؟ إن انتظار الإلهام هو سبب أعظم لقتل شرارة الإبداع تماما كما أن تجاهل الإلهام حين وروده على الخاطر هو تبديد لصفاء الإبداع ! إن الإلهام وإن كان شيئا لا يدرك له زمان ولا نستدل بقرب حلوله على مؤشرات واضحة حتى الآن ، إلا أننا نستطيع أن نهيئ لعقولنا وأرواحنا حالات شبيهة بلحظات الإلهام قد تعمل على زيادة مرات

الشغف يزداد ولا بد

   قريب من الكتابة من القلب – الذي تطرقنا إليه في المداخلة السابقة – ما هو أصل حماسة الكاتب في استمرار سعيه نحو الارتقاء بكتابته ،وإضفاء المزيد من الألق عليها ؛ ألا وهو شغفه الدافع إلى معانقة كل كلمة وفكرة ليبدع منهما وجوها جديدة للذات الإنسانية المتخمة بالضبابية . فما هو الشغف الذي لابد وأن يزداد ولا يفتر في نفس الكاتب ؟ بادئ ذي بدء لابد وأن نقرر بأن الكتاب هم كائنات شغوفة ! نعم ، إن الكاتب الحقيقي هو تلك العاصفة التي لا يهدأ داخلها صفير الأقلام ،ولا تطاحن الأوراق . فمن  أين يأتي شغف الكتابة ؟ قد يكون الشغف نابعا من قصة الحب التي يعيشها الكاتب مع كتابته ،فهو يؤدي دوره الكامل في توطيد هذا الحب واستبقاء الحلم باللقاء .إن فعل الكتابة حينها ماهو إلا  إشهار"الدليل" ،وهذا النوع من الدليل هو من أرفع مراتب الأدلة المنطقية التي عرفها البشر ، إنه الدليل القائم من نفسه على نفسه بنفسه ،فالكتاب دليله كتابته على موهبته الكتابية بكتابته هو ذاته . وقد ينبع الشغف من سؤال الكاتب الأرق حول نفسه : من هو ؟ أو ماهي ؟ فهو يرى نفسه عاجزا وحده عن الإجابة على هذا السؤال ،لذلك يلجأ إلى الكت

الكتابة من القلب

يسلّم الكثيرون منذ  أقدم كتاب كتبه الإنسان وحتى زماننا ولربما إلى ما بعد زماننا هذا ، إلى أن الكتابة صنعة شأنها شأن غيرها من الصناعات التي تكتسب بالمران ، وأن الكتاب يتفاضلون بقدر ما لهم من دربة في إتقان البناء الشكلي للون الكتابي ، وكذلك ما يسوّدون به الغايات الكتابية من أفكار تتضخم معها اللغة وتتنوع فيها مناقشات العقل ويبرز من خلالها قوة القلم الذي كتبها أو ضعفه . ولاشك أن هذا صحيح إلى حد بعيد ، لو نظرنا إلى الكتابة في جانب الشكل والإنشاء المجرد من محاكمة الذوق عند من يقرأ وعند من يكتب كذلك . ولكننا بهذا نحكم حكما جائرا على مساواة في غير محلها تضع كل الآثار الكتابية التي خلفها البشر في مرتبة واحدة دون مفاضلة لا على مستوى الإتقان العام ؛بل على مستوى الشعور ،فالكتابة لا تخلو من العاطفة التي تعزز لصاحبها صورته المتفردة؛ ليس فقط ليصبح الرجل هو الأسلوب كما قال طه حسين ، بل إننا نتجاوز الأسلوب لنقول ليصبح الكاتب هو الروح التي تظهر في نصه ،وهذه الروح ما زلنا حتى اليوم نقف حائرين في تفسيرها بما نقرأه في مأثورات الأدب العالي أو المؤلفات العظيمة التي غيّرت مسار الفكر الإنساني . إننا لابد وأ

لماذا "كل يوم كتابة" ؟

    سالت نفسي قبل أن يسألني الآخرون : ما الاسم الذي أريد أن أطلقه على هذه المدونة ؟ عصفت في ذهني أسماء متعددة ، أسماء وقورة ذات وقع فخم على غرار تلك الكلمات الجذلة التي كانت تضج لها لغتنا العربية الجميلة منذ بواكير القرن الماضي ، يوم كانت العربية تكتبها العقول والقلوب لا الأقلام وحدها ، وأقصد هنا العربية التي صنعها المترجمون الخبراء في الشام ومصر والعراق ودول المهجر ، وقرأنا بها تلك المؤلفات والترجمات الرائعة لكل الأدب العالمي والفكر الإنساني . ولكني أردت لهذه المدونة أن تكون شحذا نفسيا ذاتيا ،لأني أعرف بأني سأقصر لاحقا ؛كما تباطأت سابقا ،عن جعل الكتابة وجبة يومية تماما شأن الممارسات اليومية المعتادة في حياتي ، وفجأة لمع في ذهني هذا الاسم : كل يوم كتابة ، ومعه العدد 365 وهو عدد أيام السنة باستثناء السنة الكبيسة لأني سآخذها وقتها راحة تامة !! إن هذا الاسم أشبه بالتعهد الرسمي بين مؤسسة القلم في يدي ، والمؤسسة الفكرية في وجداني على أن تظل هذه الشراكة مستمرة مدة عام كامل –وأرجو ألا تنفصل بعدها !-و لأن أخصص  جزءا من وقتي كي يأنسا ببعضهما ، وأن أعقد هدنة في معركة الشتات اليومي لأستجمع

عودة إلى الأسئلة

      عندما يكون لديك سؤال تطرحه فإنك ولابد تمتلك الكثير من الأفكار التي تستحق أن تكتب عنها ! . إن مهارة طرح الأسئلة من المهارات الشائقة والشائكة التي يحتاج أي كاتب إلى إتقانها . إننا دوما ما نركز على أن الكاتب يجب أن يدرّب خياله، ويوسّع قراءاته،  ويراعي قواعد الكتابة التحريرية في القواعد والإملاء، ولكننا نغفل أو نتغافل عن االإجابة المباشرة والصريحة على سؤال ( ماذا أكتب؟ ) ذلك السؤال البدهي الذي يطرحه أي كاتب - ليس الكاتب المبتدئ فقط -  بل حتى الكاتب المخضرم الذي بلغ أوج شهرته واقتطعت مهاراته الكتابية سنوات طوال عبر الممارسة والتجربة، إلا أنه يظل في أرق مستمر للإجابة على سؤال : ماذا بعد ؟ ماذا أكتب ؟ إن من الفرائد التي تلازم الكتابة  أن الأسئلة التي تطرحها لابد وأن تقودك إلى أسئلة أخرى تجيب عنها ، فأنت كي تجيب على سؤال ما ، عليك أن تشتتق منه أسئلة أخرى أو تدور في فلكه بأسئلة مدارية كي تصل إلى إجابة حقيقية أو بما يقربك من الإجابة على سؤالك الأول . هذه الاشتقاقات التساؤلية إن صح التعبير هي التي تُذكي ثورة الكتابة في سطور الكاتب، إذ ليس ثمة فكرة إلهامية تقطر فجأة في عقل راكد، كم