المشاركات

عرض المشاركات من مايو, ٢٠٢٤

هل لديكم أسئلة

صورة
  سنوات إثرا سنوات، والمقولة المتوارثة بأن الكاتب:  هو كائن مسكون بالأسئلة، تمضي دون رقيب!  الربط بين وجود الأسئلة واحترافية الكتابة، بل والترقي فيها، كان أشبه بلزمة الكتابة ذاتها. وللحق، أن الفكرة ليست عربية، بل هي قادمة من حيث تفجرت الكتابات الغربية والحداثية عموما. ومع هذا فقد كنت ، ورغم مهارتي في طرح الأسئلة كما أظن، في شك من أن "السؤال" قد يُخرج -بحق- كاتبا عربيا مسلما أصيلا؟!  إن الأسئلة المعنونة بأنها كائنات الكتابة إنما هي نوع الأسئلة الوجودية: المتعلقة بعلة وجود الإنسان، وفكرة وجود الخالق، وكيف المسير في الحياة وسط تناقضات الخير والشر والإصلاح والفساد والعدالة والظلم.  هذه الأسئلة المصيرية قد يكون مقبولا تفجرها في ييئات غاب عنها الوحي الإلهي، واستمرأت أن تخدش إنسانيتها كي تدرك أنها في النهاية إنسان ليس لديه إجابات كل الأسئلة. هل ترى- اليوم- هذا الانكفاء على الذات الذي انتهى كل الكتّاب في العالم: ما من إجابات، ولا مزيد أسئلة؟! وقد كنت -وما زلت- في تصور دائم، بأن الكاتب العربي المسلم ليست لديه مشكلة مع فكرة الوجود، لأن الوحي الإلهي قد أجابه عن كل الأسئلة في بيان شاف مف

حفظ الحق اللأدبي

صورة
  كلنا، أو لعلهم أهل الاهتمام فحسب، يدركون مدى اللغط الذي أثاره نشر كتاب " في الشعر الجاهلي" لعميد الأدب العربي طه حسين. وعلى الرغم من أن الحكاية قد اكتملت فصولها وراء هذا الكتاب، غير أن ما تركه من أثر في الخصومات الأدبية والفكرية قد اشاح عن بؤرة سريعة الاشتعال حين يتعلق الأمر بالتراث العربي.  ولكن ليس عن هذا نتحدث هنا. بعد انقضاء سنين عددا على معركة كتاب " في الشعر الجاهلي"، استطاع كاتب لديه هوس في جمع المقتنيات القديمة من الكتب والمنشورات، أن يعثر في محل لبيع الأوراق القديمة والكتب المستعملة، وبعض النسخ النادرة كذلك من أمهات الكتب- استطاع هذا الكاتب أن يعثر على نسخة من ملف قضية التحقيق التي تضمت استجواب عميد الأدب العربي طه حسين حول كتابه المذكور، بعد أن تقدمت أكثر من جهة بشكاوى حول خطورة ما يعرضه الكاتب في كتابه من هدم لثوابت دينية ومجتمعية وتاريخية. فما كان من النيابة العامة في دولة مصر إلا أن تستدعي الكاتب لتحقق معه، ما دامت المسألة قد تحولت لقضية رأي عام. وعلى الرغم من أن النتيجة كانت لصالح طه حسين، حيث لم يتم إيقافه، ولا حتى منع نشر الكتاب، وإن كان الكاتب قد

افرَح..افرَح

صورة
 هل الفرح من الدين؟ أم أن الفرح دين في ذاته؟! في أيامنا المبكرة ، ورغم حضور داعي الفرح العفوي فينا، غير أنا كنا نرفض الفرح أحيانا! لا أدري ما كان الداعي لهذا الرفض. ولكن لا شك أنه في موقف ما: ظننا أننا نكون أكبر من أنفسنا حين نتوقف عن الفرح.  ثم تمضي السنون، ويأتينا من العمر ما نصير معه في لهفة لتتبع لحظات الفرح، وغالب فرحنا حينها يصير صاخبا، وكأننا نريد عبر الفرح أن نصير أصغر من أعمارنا الحقيقية.  وهكذا شأن الفرح، محبوب مغبون مع الإنسان.  حين أكون مع الفرح في مناسبة سعيدة، فأرى المبالغة في مباهج الاحتفال، أعرف أن هناك إرادة تعويض لشيء ما تمت خسارته في الماضي. لقد صرنا نحتفل صراخا، ونضحك صراخا، ونتمايل صراخا..صراخا .. صراخا.. صراخا، حتى إن تكريم المدراء والمعلمين والمتفوقين صار صراخا أيضا! فهل الفرح لا يحلو إلا صراخا؟! الصراخ صار ظاهرة مريضة في حياتنا، في الواقع وعبر الإنترنت، صرنا لا نفرق بين الهدوء الذي يرتقي بالإنسان، والصراخ الذي يدعه بلا عقل! لقد صار اليوم بحاجة لدراسة نفسية مجتمعية جادة لتناول الهيجان النفسي خلال مواسم الفرح. 

حين ينام العقل

صورة
  هل اختبرت يوما أنك في موقف تحتاج فيه لدقة التركيز وحضور الذاكرة القصيرة، فإذ بضبابية وزيف يقتحمان عليك مركز التحكم في فهم الأمور، وتجد أن ما كنت معتادا على حله إذ بك تسيء فهمه فضلا عن حله، بل وتخترع له حلا غير منطقي بحال؟! هذه الحال حين يكون عقلك نائما، وإن كنت مستيقظاـ وفي موقع خطر يجبرك على أن تكون في كامل وعيك، ولكن عقلك نائم في سباته الخاص.  التقاعل بين الوعي والعقل، بمعنى متى يكون عقلنا حاضرا ليعطينا وعيا سليما بالقضية، هي من المشكلات التي ما تزال غير مفهومة في علوم دراسات الإنسان الواسعة، متى يحضر العقل ومتى يهرب بنفسه منا؟! كيف نخسر بصيرتنا أحوج ما نكون إليها؟ ولماذا نفقد مهارة كنا قد تأكدنا من اكتسابنا بها في لحظة خاطفة، ثم ما تلبث أن تعود إلينا بعد الخروج من الموقف الصعب؟! كلها أسئلة تثير شكوكا حول مصداقية أننا نتحكم في عقولنا، وأن نعتبر أن هذا من تمام إرادتنا الحرة. صحيح أن معطيات العناية بالعقل: كالنوم الجيد، وتخفيف القلق، واتباع الآنظمة الغذائية السليمة، ونحو ذلك من شأنها أن تعدل من صحة العقل وتقلل من تعثره، ولكننا لا نضمن حقيقة أي شيء يتعلق بالعقل: متى يعتزلنا العقل ويدخ

تُرَى من سيستهزئ بهم

صورة
  أكثر النماذج الإنسانية لؤمًا؛ تلك التي تجعلك "تستهزئ بنفسك" مدة وجودك معهم، ثم يتركون فيك وخز الاستهزاء بذاتك حتى بعد خروجهم من حياتك.  لقد بنيت لهم العظمة بقدر ما أنقصت من نفسك! وقد كانوا يهزأون بك حين تركوك وشأنك تعيش "الوهم" فيهم. كانوا أبطال روايات لا يقرأها إلا أنت، وكانوا النجوم في سماء منخفضة لا تظل سواك، وكانوا الحب في وقت شحّ فيه الحب حتى عن نفسه! الغريب أن هؤلاء الذين تظن أنهم التعويض عما تفتقر إليه من الحب، هم ،هم، الذين يسقونك مع الحب سخرية مريرة من قلبك، وعقلك، وأيامك فيهم، ولم أقل معهم، لأنهم - على الحقيقة- ليسوا معك، فأنت وحدك مَن تحترق فيهم، ثم لا يصبون عليك ماء السقاية! نفوس هؤلاء، الذين غلبوك على أمرك سخرية، ممتلئة بالفقر حد التسول. يبحثون عن وجوهم في عيون الآخرين، فإذ  بهم يصادفون مرآتك صقيلة وأصيلة، فيتسللون عليها، ويتسلُّون بالمساحات الفارغة فيها، حتى ليزحموك رويدا رويدا فتوشك أن تختفي من مرآة ذاتك.  أهل شحاذة الحب! غريب هذا الوصف، ولكنه في حقهم علامة دالة عليهم. فحيثما وجدت من يلهث خلف الحب على غاية أن يهبه الحب ما ليس لديه، فاعلم أن كل خداع

الحب على طريقة الوردة

صورة
  كما أن هناك مستويات مخيفة من الكراهية تجعلها فادحة الخطر ، فإن ثمة مستويات من الحب مفزعة حقا.  عندما تفكر فيمن تحب وأنت تسال نفسك سؤالا أولا: هل هو بخير الآن؟ وسواء أكان قريبا أم بعيدا، فإن السؤال لا يفارق وعيك: هل هو بخير الآن؟  إن قسما من الحب هو وسواس قهري - شئنا أم رفضنا- إذ يكون عقلك غير قلبك حينا، وعقلك غير عينك حينا، وقلبك غير عقلك وعينك أحيانا وأحيانا.  ليس كونك تلمس الحب معناه أنه لن يفارقك، وليس أن الحب بعيد عنك معناه أنه ليس في حياتك، فهذا الشد والجذب فضيلة في الحب تجعلك تتوق إليه، فهو يسحب وعيك ليجتمع في بؤرة واحدة، وتظن إذ ذاك أنك قد توحدت في نفسك ومع محبوبك، ثم يعود ليفلتك أحوج ما تكون إليه كي تمشي على قدميك وحدك إليه، كالطفل توقفه أمه ثم تتركه لا ليهوي، بل ليمتلك قرار حركته بإرادته، والحب بود أن يطمئن - على الدوام- أنك تريده حقا وعلى الدوام.  مازلت على استدعاء يقيني الأول: بأن ليست كل القلوب مهيئة للحب الذي يكون فيه الحب سيد القصة كلها. الحب شاقّ حقا، ولا تحتمل كل النفوس شقوته وشقاءه، إنه يفري العقل ليحتد في مخيلته، وليس كل وعي إنساني بقادر على أن يعيش في تردد ما بين ا

أي شيء هو الحب

صورة
 أنا لا أفكر ، أنا أحب! هل تصدق أن كاتب هذه الكلمة هو عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، وأنه كتبها يشكو لزوجته اشتياقه إليها مدة سفرها ثلاثة شهور، تركته في مصر وسافرت إلى باريس تحت تأثر عارض صحي لطفليهما.  هذا الحب الذي لا يرى عميد الأدب العربي خريج الأزهر والجامعة المصرية، بأنه من العيب أن يعترف بتأثيره القوي على قريحته الأدبية، بل وعلى انهمار الأفكار عليه إذ يكتب ويدرِّس ويفكر للعالم والثقافة العربية بكاملها.  الحب لا يكسر الكبرياء، كما يظن جهلة الجاهلين بالحب، بل إنه يصطفي أعلى ما في كيان الرجل ، الرجل بحق، ليشعل كرَمًا صافيا من المروءة تطبع أفكاره ونظرته للحياة.  الحب يملؤك بمن تحب، ليتبدى هذا الامتلاء بل الاحتفال، بالغزير من الكتابة، والعفيف من الأفكار، والجزيل من المعجزات التي جٌعلت لمستوى البشر.  فليس بعجب إذن ، أن نكتب إذ نحب، وأن نرتل الشِّعر إذ نحب، وأن نرسم إذ نحب، وأن نلوّن ونركض ونتحدث..كله إذ نحب! بل لعلي أخال أن شيئا من هذه التصرفات لن يكون معجِزًا حلوا إذ يخلو من الحب، ابتداء وامتدادا.  تصادف في الحياة أناسا يدخلون بك القسوة التي اعتادوها، إن أحلامهم تقصر عن تلمس الإشع