المشاركات

عرض المشاركات من مايو, ٢٠٢١

رسائل في الروحانية (3)

صورة
  (3) الغيب والمغيّب هو أول جدال الإنسان مع القدر . هذا الحثيث في باطن كل نفس كي تعلم ما غاب عنها من أمرها وأمر عالمها، - و لا شك - أنه قاد الإنسانية لمزيد من التحضر، لأن الخوف من المجهول الغائب هو سمة غالبة على المجتمعات البدائية حين لا تعرف كيف تتعامل معه، فيغلبها قصر حالها وتصير تصارع طواحين الخرافة . وليس الكشف عن المغيب قرينا للمدنية، ولكن الإنسان الذي استطاع أن يرتب القضايا في أولويات الاهتمام، وتمكن من إتقان كيف يستنسخ من كل عالم مقوماته، هذا الإنسان رحّل المغيب إلى حماسة في تحويل كنوز المعلوم، ولكن هذا لا يعني – بتاتا - أنه قد أزاح عنه كل الأهوال المعقودة بالغيب والمغيّب . ولأن الروح غيب قابع داخل شهود، وهو الإنسان، فإنها كانت وستظل محثّا ماثلا للتصور،ومادة عامة للمخيال، وميدان معفو عن التوسع فيه لأطروحات المعرفة التي ترى أن لها حق التجاوز . والروحانية والروحية قدمتا مفاهيم فيما يتعلق بالغيب المغيّب كلية، ابتداء بالله الخالق، ثم ما تبع من قصة خلق الإنسان، وتكوين الكون؛ ومع أن لكل واحدة منهما منهجها الخاص القابل للفحص، غير أنهما اتفقتا في التعرض لقضايا كبرى في الوجود

رسائل في الروحانية (2)

صورة
  (2) الممارسات الروحانية اليوم - بصورة عامة - هي أشبه بالتدريبات للعودة إلى الروح في مركزها اللائق بها . ولا عجب أن الروحانية كثورة معاصرة أتت ردة فعل لغلبة المادية بوجهيها : الفكري والجسدي، فكان لا بد من التوازن شأن كل توأمة كونية، وسواء أكانت التوائم هنا ثلاثية : الجسد، الروح، العقل، أو رباعية أو خماسية .. ، بحسب ما اتسعت معرفة الإنسان بأبعاد نفسه . ولذا، فإنه من الخطأ أن نفهم أن " الروحانية " هي عودة إلى الدين، أي دين كان ، وإن كانت الروحانية تقتبس من الأديان ولكنها لا تقوم عليها . إذ ليس التدين هو غايتها، بل على العكس تماما، هي تحرر من التدين بمعنى التشكل باتجاه واحد في فهم الإله . وهذا مما يجب نقاشه ودرسه في فهم الروحانية المعاصرة . إن الروحية والروحانية من المصطلحات التي تنوقلت على مر العصور، وقد وردت في الآثار الإسلامية على أنها التربية الأخلاقية للقلب لينير ويحقق اتصاله بالله عزوجل . نرى ذلك مثلا في كتاب " الطب الروحاني " للإمام الفخر الرازي . أي أن الفكرة بأن الروح متصلة بخالقها ويستحيل أن يأتي تطورها بمعزل عن الإيمان بالخالق الموجد؛ هي من ال

رسائل في الروحانية (1)

صورة
          ما يحدث من إسباغ المعجزة على نتائج الرياضات الروحية، هو شيء من طبيعة الإنسان ولا يحمل دلالة على حق أو باطل، أو صواب أو خطأ ! لقد عرفت الأمم كلها ، من كان بديانة أو خارج أي شكل ديني، أشكالا من الممارسات الروحية التي تعزز جانب " الروح " ومهاراتها ومواهبها، حتى وصل بهم إلى أن يحققوا المعجزات الخارقة للعادة ، وربما للطبيعة . ولكن هل هذا يعني أنهم وصلوا للحق والحقيقة من شأن أنفسهم؟ ! بالطبع ، لا ! إنك كما تنمي مهارات الجسد ليمنحك أفضل الفوز في السباقات، وكما تنمي العقل ليكون لؤلؤتك في ميدان الاختراع، فإنك كذلك تصنع بالروح، حيث تفرد لها مساحة من الوقت والجهد لتوليها الرعاية والإنماء لإظهار المغيَّب منها، ولكن تظل توجيه القوى الروحية مرهونا بالإرادة الأصيلة في تكوين الإنسان، فحتى الروح مهما عظمت ملكاتها لن تخرج عن وقوعها تحت سيطرة قانون الخلق " أريد، ولا أريد ".          لكن الخطورة التي تحدث خلال معالجة إطلاق المهارات الروحية، أو في سبيل التعرف على مواهب الروح، هو إلباس الروح ما ليس لها . فإذا كان للجسد تقييماته الخاصة بحسب الوزن والكتلة ومستوى المناعة ونح