المشاركات

عرض المشاركات من 2021

اللا-كتابة

صورة
  لقد باتت اللحظة مواتية لأن أتوقف عن الكذب على الأفكار!  في الدورات الزمنية ، هناك ما يتغير في مزاج الحياة كما في أهلها. اتجاهات جديدة في كل شيء تطفو على السطح ما تلبث أن تلغي ما سبقها: قوائم طعام حديثة، اتجاهات جديدة في الفنون، تصميم مختلف للمباني والملابس والأذواق عموما، عادات وليدة تحكم حياة الناس، نظريات وأطروحات تتجه نحو آفاق غير مطروقة في حياة الفكر، مشاعر غضة تتفجر كأحدث اكتشاف للإنسانية المتجددة.  من هذا أيضا، أن يصبح اهتمام الأفكار مختلفا عن المستقر والمتداول. وليس في هذا رفض للقديم، أو ما يوشك أن يصير تأريخيا، فنحن لا نرفض الإرث والمتوارث، كما لا نأخذ بالعصرنة لمجرد أنها حديثة! الأمر أكبر منا كلنا.  إنه تتابع يحصل في الجسم الكوني الجامع لكل العوالم، إنها قوى تعمل على الدفع إلى افتتاح مسارب جديدة للحياة، لأن أوان التحولات قد استدعى كل سحره، ولن يتوقف حتى ينتقل الانتقالة القادمة.  وفي حيثية ما يستجد جِدَةً لا يُعلم منتهى قرارها، يجد الكاتب نفسه في غربة عن لغته وفكره! إذ لم تعد لغته القديمة سائغة للتعبير الموافق، كما لا يزال فكره غير قادر على استجماع ذاته من اتساع الشباك على قل

سؤال الفقد

صورة
  عندما نفقد عزيزا علينا ( وهذه هي الكلمة الحق! فإننا مَن نفقد، أما هو فقد رحل كشأننا كلنا حين نرحل، فإسناد الأفعال يحكي إسناد الابتلاءات هنا!) - أقول عندما نفقد هذا العزيز، فإن سؤالا واحدا يفرش حقيقته وظلاله علينا في آن واحد:  هل قدمنا  ما يكفي للتعبير عن حبنا له في حياته؟ ..هذا هو ما أراه سؤال الندم، بحق! سؤال الحب يحمل قيمة لا نهائية من الاحتمالات، ولكنه لا يدخل ضمن مستحيل الحل.  إن  الندم أرق يتركنا مكشوفين تجاه تربيتنا، ثقافتنا، خبرتنا، عمرنا الذي قطعنا في الحياة؛ هل كانت كلها بواعث على بناء إنسانيتنا ووعي استجابتنا للمؤثر: الفقد/ الموت؟! في مثل هذه المواقف، ترتج علينا العبارات، ماذا نقول؟ كيف نضخ عاطفتنا بين الكلمات؟ ولله الحمد، فإن العبارات الدينية الجاهزة من مثل: ( عظم الله أجركم، لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بقدر مسمى، إنا لله وإليه راجعون) كلها تتبدى ملاذا آمنا، لأن كلا من السامع والمتكلم تقر نفسه بسماع المواساة أيا كانت، ولكن هل يعوض هذا عن جفاف العاطفة التي لم تكن مع من كان حيًّا قبلا؟! نبحث عن كسر التابو في أفكارنا الموروثة، ولكنا لا ننتبه بأن تابو الحزن مستبد في ق

كتّاب الإنترنت

صورة
  Photo by Florian Klauer on Unsplash  اعتلال مستوى الكتابة اليوم قد ألقى بنتاجه على ألوان الإبداع التي لا محالة للكلمة فيها مجال. إذ لا عجب من الاعتراف بأن الكتابة بالنسبة للترقي الإنساني هي ابنة الفكر وهو ربيبها، ولعل شيئا لا نستدل به على أصالة المجموعة الإنسانية من عبثيتها؛ قدر ما تقدمه لنا شواهد المكتوب عندها.  لقد تضافرت نماذج الانفجار التقني لتسلب من الكاتب فكرته الجديرة، وأسلوبه المتفرد حتى صرنا لا نفرق بين كاتب وآخر، فكلهم في النهاية تجمعهم هوية "كتّاب إنترنت".  ولعل مناسبا أن نبحث عن ملامح كاتب الإنترنت كما انتهت إليه بعد عقدين من تسيّد الإنترنت منصة رئيسية للنشر. سنجد كاتب الإنترنت هو الشخص الذي تحصد مشاركاته ومدخلاته على الشبكة أعلى القراءات ( كيف ؟ لا نعرف!)، ومع هذا الحصاد الكمي فلا بأس أن تأتي نصوصه مثل أخبار الإنترنت العشوائية والوفيرة. ثم إن أسلوب الكتابة عبر الإنترنت وإن كان في بداية أمره مبشرا بالتحرر من التكلف الأدبي لما ورثناه عن عهود كتبت لتلائم نفسها وزمنها، إلا أن ما انتهى إليه فقر الأسلوب وحيرته وهشاشته يجعلنا لا نستطيع أن نضبط الموازنة بين أسلوب الكتا

أصلح حياتي

صورة
   Photo by Matt Moloney on Unsplash لا نختار أن نفسد حياتنا، ولكنه يحدث بالموازاة مع دخولنا في التجارب.  وعلى أي ما كانت قد انتهت إليه تجاربنا، فإننا سندرك تباعا أن حياتنا قد لحقها التلف، وآن لنا أن نمارس مواهبنا في إصلاحها.  ولعل أول ما يفسد حياتنا، ليس صعوبة ما نمر به أو عبثيته، بقدر ما أن نهمل من تطبيب الضرر آنيا، فتجد آلية التراكمية ميكنتها في رسبنة المختلط من الأفكار والمشاعر والاستنتاجات وردات الفعل، حتى لتشوه بصيرتنا فلا نعد بمهارة جيدة لنفرق بين ما هو "منا" وما ليس "لنا" ولا "فينا" ولا "بنا" بحال مطلقا.  "أصلح حياتي" مانترا، أو توكيد، أو إعلان - سمه ما شئت- ولكنه التذكير الروحي على ضرورة الشروع في واجب وحدنا من سيدفع ثمن الغفلة عنه.  حين نشرع في إصلاح حياتنا نكون في لحظة الوقوف على مفترق طرق، إن الأمر قد حدث وانتهى، لربما أننا أهملنا حريتنا في الاختيار وإرادة التصميم لكيف يجب أن تسيّر أمورنا، لا بأس، فها نحن هنا بعد كل الخسائر، أو ربما كل الآلام أيضا! فما نحن فاعلون فيما تبقى منا فينا؟! إصلاح حياتنا، هو إصلاح الماضي منها، وعلى

الحب دون توقف (3)

صورة
  Photo by Evie S. on Unsplash ما دمنا قد جعلنا فورة الوعي مستخلصا من عيش الحب الأصيل، فهل يصح أن ندرج الحب - حينئذ- على أنه قضية فكرية بحتة؟ هذا يعتمد ومقصودنا بالفكر/ التفكير، وكيف سنطبقه على دراسة الحب. فإذا كنا سنوظف معايير فلسفات العلوم والفنون المختلفة في تشريح الحب فلن نتوصل إلى أي نتيجة بحال! وسيخرج الحب دوما منتصرا، مثل لغز غير قابل للأدلجة ولا الفرضية.  ولكن لو نظرنا إلى الحب من داخل الحب، فإن طاقات من الفهوم ستنفتح لنا، تتناول إدراكات تتعلق : بالقلب، والنفس، والحياة ، وحتى الكون، إذا سنلحظ في الحب هندسة داخلية فائقة.  إن المؤلفات التي عرضت للحب - منذ ما قبل الميلاد وحتى يومنا هذا- ما تزال تحظى بالتفضيل في اختيارات القارئ/ الإنسان، لأنها تعالج جانبا مسيسا بنا جميعا، وهو إلى ذلك سيظل كالأرض البكر التي تفتح غيبها لكل عاشق يرتادها ويريدها.  الكتابة في الحب حفاوة وجمال، فلن تكتب في الحب من دون شعور غامر بالفرح ، ولا تأتيك فنون التعبير في الحب إلا وأنت  تسرّك عذاباته، وإن من أخبار الحب والمحبّين وقصص العشاق مما دخل حيز الروايات المتواتراة وقد انبطقت عليه المعايير العلمية في قبول ا

الحب دون توقف (2)

صورة
  Photo by  nichiiro  on  Unsplash يشار للحب على أنه ارتباط عاطفي تفريدا له عن أنواع الارتباطات التي تأتي العاطفة فيها تاليا لعقد من نوع ما نعيشه في علاقاتنا.  والمفارقة في الحب تكمن؛ في أن فكرة"الربط" تقتل الحب وتحيله عدو أهله. إن الحرية حبيبة الحب الألية، وكلما استقر الحب في نفسه تراه يبحث عن حرية مكينة تتيح له أن يبسط سطوته أنحاء الوجدان في المحبّين.  والحرية التي تثبت وجود الحب؛ هي الاستسلام بفتح مسارب الوعي ليعيد الحب غربلة المكنون  من الأفكار والتصورات والعادات، حتى ليستوعب ذاتنا الكلية.  لا يدخل الحب النَّفْس ليتركها على ما هي عليه. لقد أتى لأنه قد آن لها أن تتحقق من  خلق جديد في الروح ثم المصير. والاتجاهات التي تؤكد على أن مراجعة الذات هي أولى خطوات الوعي، تأتي متأخرة جدا عن الأثر الفعّال للحب نحو إحداث نقلة في الوعي الإنساني كله.  الحب نصير الأطروحات غير المتكررة، إنه لا يقبل تعدد النسخ. لذا لا يخشى صاحب الحب من أنه يعيد معارف قد سُبِق إليها، ولا أنه يخوض عتبات قد أمست بالية، فالتشابه مهما بدا غالبا على قصص الحب غير أن خصيصة الوعي المستقاد من عيش حكاية الحب هو ما يم

الحب دون توقف (1)

صورة
   Photo by Pierre Châtel-Innocenti on Unsplash ليس من تعريف للحب بالمعنى المعجمي؛ هذا مما انتهى إليه الجميع. ولكن هل من معنى لخوض تجربة حب بالمعنى الإنساني؟!  كل إنسان خاض في الحب فله الحق في تقديم مفهومه الخاص عنه. ولعل السؤال وراء كشف مذاق هذا اللغزيكمن في أن يسأل كل محِب  - سابق أو حالي- : كيف تشعر وأنت في حكاية حب؟ الألفاظ التي نشعر بها نرسم خيالا فيها ونشيد احتمالات حولها وننسجها قصصا مسلية ونترك لها حرية أن تفرض علينا أسئلتها- هذه الألفاظ حقها أن تخرج من المعجم اللغوي لتوضع في قاموس التجربة الإنسانية.  ماذا لو أننا جمعنا ألفاظ خبراتنا وتجاربنا وصغنا منها مصنفا مفردا بحيث يأتي أسفل كل لفظ حكاية نفسه عن نفسه! شتان ما بين الحلًم الحب، والتفكير بالحب ..وعيش الحب! كل ما هو خارج التجربة/ الذوق/ الوجد فهو من اشتداد المراهقة، لأن كل تجربة نعيشها في أفكارنا ومشاعرنا من شأنها أن تفرض نضجا نتعرف به الأطوار الخفية من اكتمالنا، هذا لو كانت تجربة أصيلة بحق.  ليس من محفزًّات للحب، إنما المحفزات للجسد حين يظن أنه يحب. إننا لا نستحضر الحب، بل يأتي وحده. نعم، لا بد وأن نكون في طور الاستعداد لاست

خطيئة أن نكتب

صورة
   Photo by Edwin Chen on Unsplash خطيئة أن نكتب صراحة؛ لقد مارست خطيئة الكاتب؟ هل تعلمون ماهي خطيئة الكاتب؟ ! إن كل كاتب قد مرن في أسلوبه وأفكاره على مستوى يتوافق وطبيعته . والطبيعة - هنا - ليست محض الطرائق الوجدانية في التعبير، بل هي ما محصله من تراكم ية خبرات الحياة، حتى لقد صار بفعل الكينونة خصيصة في كل من " الرؤية " و ! “ اللغة " مما يقدمه الكاتب في سطوره . ركز جيدا : الكاتب هو مركب كمال من عنصرين هما : الرؤية واللغة . وفي ظروف طارئة، و ل أجل هاجس الرغبة في أن يتعرفه الآخرون، يستجيز الكاتب لنفسه أن ينحدر عن الأفق العالي خاصته في كل من الرؤية واللغة – أو أحدهما – فيكتب ليصل إلى الناس، على نية تأويلية بأن ه سيعاود الصعود إلى أفقه المختار لحظة يستوفي حقه من القارئ المحتمل الذي يقبل أن يحلق معه م ج ددا – متى ما استفاق -. ولكن ما الذي يحدث على أرض الممارسة الكتابية؟ ب ج ملة واحدة : ي خ سر الكاتب نفسه تماما ، حتى وإن كسب بعض القراء ! وأمام صدمة الخسارة يبحث الكاتب محم و ما عن ذاته الكتابية التي قد جفت تحت غلالة الطموح السريع، فلا يجد " الكاتب ذا ا

رسائل في الروحانية (3)

صورة
  (3) الغيب والمغيّب هو أول جدال الإنسان مع القدر . هذا الحثيث في باطن كل نفس كي تعلم ما غاب عنها من أمرها وأمر عالمها، - و لا شك - أنه قاد الإنسانية لمزيد من التحضر، لأن الخوف من المجهول الغائب هو سمة غالبة على المجتمعات البدائية حين لا تعرف كيف تتعامل معه، فيغلبها قصر حالها وتصير تصارع طواحين الخرافة . وليس الكشف عن المغيب قرينا للمدنية، ولكن الإنسان الذي استطاع أن يرتب القضايا في أولويات الاهتمام، وتمكن من إتقان كيف يستنسخ من كل عالم مقوماته، هذا الإنسان رحّل المغيب إلى حماسة في تحويل كنوز المعلوم، ولكن هذا لا يعني – بتاتا - أنه قد أزاح عنه كل الأهوال المعقودة بالغيب والمغيّب . ولأن الروح غيب قابع داخل شهود، وهو الإنسان، فإنها كانت وستظل محثّا ماثلا للتصور،ومادة عامة للمخيال، وميدان معفو عن التوسع فيه لأطروحات المعرفة التي ترى أن لها حق التجاوز . والروحانية والروحية قدمتا مفاهيم فيما يتعلق بالغيب المغيّب كلية، ابتداء بالله الخالق، ثم ما تبع من قصة خلق الإنسان، وتكوين الكون؛ ومع أن لكل واحدة منهما منهجها الخاص القابل للفحص، غير أنهما اتفقتا في التعرض لقضايا كبرى في الوجود

رسائل في الروحانية (2)

صورة
  (2) الممارسات الروحانية اليوم - بصورة عامة - هي أشبه بالتدريبات للعودة إلى الروح في مركزها اللائق بها . ولا عجب أن الروحانية كثورة معاصرة أتت ردة فعل لغلبة المادية بوجهيها : الفكري والجسدي، فكان لا بد من التوازن شأن كل توأمة كونية، وسواء أكانت التوائم هنا ثلاثية : الجسد، الروح، العقل، أو رباعية أو خماسية .. ، بحسب ما اتسعت معرفة الإنسان بأبعاد نفسه . ولذا، فإنه من الخطأ أن نفهم أن " الروحانية " هي عودة إلى الدين، أي دين كان ، وإن كانت الروحانية تقتبس من الأديان ولكنها لا تقوم عليها . إذ ليس التدين هو غايتها، بل على العكس تماما، هي تحرر من التدين بمعنى التشكل باتجاه واحد في فهم الإله . وهذا مما يجب نقاشه ودرسه في فهم الروحانية المعاصرة . إن الروحية والروحانية من المصطلحات التي تنوقلت على مر العصور، وقد وردت في الآثار الإسلامية على أنها التربية الأخلاقية للقلب لينير ويحقق اتصاله بالله عزوجل . نرى ذلك مثلا في كتاب " الطب الروحاني " للإمام الفخر الرازي . أي أن الفكرة بأن الروح متصلة بخالقها ويستحيل أن يأتي تطورها بمعزل عن الإيمان بالخالق الموجد؛ هي من ال

رسائل في الروحانية (1)

صورة
          ما يحدث من إسباغ المعجزة على نتائج الرياضات الروحية، هو شيء من طبيعة الإنسان ولا يحمل دلالة على حق أو باطل، أو صواب أو خطأ ! لقد عرفت الأمم كلها ، من كان بديانة أو خارج أي شكل ديني، أشكالا من الممارسات الروحية التي تعزز جانب " الروح " ومهاراتها ومواهبها، حتى وصل بهم إلى أن يحققوا المعجزات الخارقة للعادة ، وربما للطبيعة . ولكن هل هذا يعني أنهم وصلوا للحق والحقيقة من شأن أنفسهم؟ ! بالطبع ، لا ! إنك كما تنمي مهارات الجسد ليمنحك أفضل الفوز في السباقات، وكما تنمي العقل ليكون لؤلؤتك في ميدان الاختراع، فإنك كذلك تصنع بالروح، حيث تفرد لها مساحة من الوقت والجهد لتوليها الرعاية والإنماء لإظهار المغيَّب منها، ولكن تظل توجيه القوى الروحية مرهونا بالإرادة الأصيلة في تكوين الإنسان، فحتى الروح مهما عظمت ملكاتها لن تخرج عن وقوعها تحت سيطرة قانون الخلق " أريد، ولا أريد ".          لكن الخطورة التي تحدث خلال معالجة إطلاق المهارات الروحية، أو في سبيل التعرف على مواهب الروح، هو إلباس الروح ما ليس لها . فإذا كان للجسد تقييماته الخاصة بحسب الوزن والكتلة ومستوى المناعة ونح

رمال غير "العربية"

صورة
  أنهيت كتابا مترجما، يعود زمن ترجمته إلى العام 1918، للكاتب والأديب المصري الأستاذ أحمد أمين. وأنهيت قبل مرحلة مبكرة كتابا مترجما للعام 2018، دون الحاجة إلى ذكر المترجم والناشر مع أهمية دار النشر التي صدر عنها الكتاب.  وتعالت هذه المرة الإجابة اليقينية حول إشكالية الترجمة ما بين السابق واللاحق! إن كلا الكتابين يسلكان في الفلسفة: تاريخها ومباحثها، وهذا يعني أن المقارنة تصح على كل الأصعدة، بما في ذلك المادة العلمية للكتابين، ولكننا نترك نقد المحتوى جانبا نظرا لأنه ليس من مجال معرفتنا.  في الكتاب المترجم من قبل الأستاذ أحمد أمين؛ ثمة ترجمة ممهورة بروح المترجم الذي قرأ الكتاب وأحبه، بل وعشقه، فأتت ترجمته وكأن الكتاب له قلبا وقالبا. وللذين يعترضون على تعقد العربية في زمن أقدم، فإنهم سيعجبون من سهولة اللغة مع بقائها ذات رونق وموسيقية عالية، على الرغم مما هو مشهور من أسلوب الأستاذ أحمد أمين وهو أحد رواد النهضة العربية في العصر الحديث.  إني أشعر بجفاف لغوي فاضح وأنا أقرأ مخرجات الترجمات اليوم، وخاصة في مباحث أدبية أو علمية تستحق أن تكتب بلغة أنيقة كي ترسخ من حب اللغة في نفوس القراء المحدَثين.

وفاء للشتاء (11) أكون حيث تكون

صورة
  وفاء للشتاء (11) أكون حيث تكون عندما يشتد الشتاء تأخذ روحي عزيمة نافذة بأنها ترفض أن تفوت الوجود . إذ ستمكث، غير قليل، لعبة " هل أنا موجود؟ " ، تؤكد أولويتها في الفناء الفاجر . دعنا لا ننسى أننا نعيش في ظنون بعضنا عوض قلوبنا ! أتخيلك هنا، وتخالني هناك .. أناديك من هناك، وتلقاني هنا .. أغلوطات وجودية يقتبسها الحب ليسترجع التجربة المملة : هل أنا موجودة فيك؟هل أنت موجود فيني؟ استخراج الصيغة التي يُملى فيها الحب لا تكتب بعدالة مطلقا . فهي تغفل الماضي المشحون بالغيرية، وتكتفي بأن تعلق بأيٍّ كان من سيولة اللحظة القاعدة بخجل داخلنا . كيف لا أحبك بماضيي؟ وكيف لا تحبني بماضيك؟ قصتنا يجب أن تكون مؤلفة من مشكلات لم تحلّ، فأتينا في موقف الحب إما لنرحّلها على زمن قادم، أو لنتواجه كيف كنا قبلها؟ إنه الهروب عبر بوابة الحب لنسافر أبعد من أنفسنا، فلعل في الحب بُعدا لا يطالبنا بخوض الجدل حول حقنا في الوجود .