أصلح حياتي

 


 Photo by Matt Moloney on Unsplash


لا نختار أن نفسد حياتنا، ولكنه يحدث بالموازاة مع دخولنا في التجارب. 

وعلى أي ما كانت قد انتهت إليه تجاربنا، فإننا سندرك تباعا أن حياتنا قد لحقها التلف، وآن لنا أن نمارس مواهبنا في إصلاحها. 

ولعل أول ما يفسد حياتنا، ليس صعوبة ما نمر به أو عبثيته، بقدر ما أن نهمل من تطبيب الضرر آنيا، فتجد آلية التراكمية ميكنتها في رسبنة المختلط من الأفكار والمشاعر والاستنتاجات وردات الفعل، حتى لتشوه بصيرتنا فلا نعد بمهارة جيدة لنفرق بين ما هو "منا" وما ليس "لنا" ولا "فينا" ولا "بنا" بحال مطلقا. 

"أصلح حياتي" مانترا، أو توكيد، أو إعلان - سمه ما شئت- ولكنه التذكير الروحي على ضرورة الشروع في واجب وحدنا من سيدفع ثمن الغفلة عنه. 

حين نشرع في إصلاح حياتنا نكون في لحظة الوقوف على مفترق طرق، إن الأمر قد حدث وانتهى، لربما أننا أهملنا حريتنا في الاختيار وإرادة التصميم لكيف يجب أن تسيّر أمورنا، لا بأس، فها نحن هنا بعد كل الخسائر، أو ربما كل الآلام أيضا! فما نحن فاعلون فيما تبقى منا فينا؟!

إصلاح حياتنا، هو إصلاح الماضي منها، وعلى الرغم من أنها أمنية إنسانية لا تنفك تصرح عن ذاتها بكل وضوح على لسان كل عابر على كوكب الإنسانية، إلا أننا لن نكون حالمين جدا! فلسنا نملك عودة الزمن إلى ما قبل نفسه، لقد مرّ وانتهى من حيثياته كلها، ومن ضمن هذه الحيثيات "نحن" كذلك، لقد انتهى الزمن منا، فلماذا لا ننتهي نحن منه؟ .. هنا يبدأ الإصلاح. 

إصلاح حياتنا يأتي على ضربين ، ولنا اختيار الملائم منه. ..ها قد عدنا لحرية الاختيار!

الأول: إصلاح الآثار المترتبة على الماضي: ذلك أن كل حدث عشنا موقفه في الماضي يمتلك  تبعات تستطرق آثارها في لحظتنا الحاضرة، وعلى مدى العمر. فإذا كنا لن نستطيع رجع ما فالت، فعلى الأقل، أن نتركه حيث هو هناك، ولا نسمح لتبعاته أن تجعل كل لحظة حالية جزءا  متعجل الرحيل نحوذلك الماضي. 

قف هنا! ثم استدر حيث لا تشاهد هذه الآثار، إذا ضبطت عجلتك على هذه الكيفية فإنك سترحل بآمان من كل الماضي ومتعلقاته. 


الثاني: عيش ما كان ينبغي أن يكون لو كانن كيف يكون: حسنا، ماذا لو أن ما حدث لم يحدث؟ هل ما يزال هذا السؤال محتمل الإجابة في لحظتنا هذه؟ لو كان، فاصنعه بحيث وكأنه يكون. 

هذه ليست نظرية التعويض، بل هي الإنشاء الحرّ الموافق لما تم استخلاصه من خبرة بعد انتهاء التجربة. وإنه من المؤكد أننا سنصنع الأجمل ، لأنه سيأتي قصديا/ مقصودا، مما كان حقه أن يحدث بصورة تلقائية .

من فاته العلم في الماضي فليتعلم الآن.. من فاته الحب في الماضين فليحب الآن.. من فاته ما فات في الماضي فليخلقه الآن، ولكن بمهارة الخلق والابتكار والإبداع.. هذه هي شروط اللعبة. 

أصلح حياتك - كلما سنحت لك الفرصة- فهي هبة جميلة جدا، ونحن جديرون بها. 

إنها ذاكرة وذكرى وستظل تمنحك قوة التحكم بها ما دمت تؤمن أنك تستأهلها بكامل ما فيها: ماضيا، وحاضرا، ومستقبلا.. ولا زمن سوى زمنك أنت على الحقيقة. 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )