المشاركات

عرض المشاركات من 2020

وفاء للشتاء(10)/ سكون البراءة

صورة
  وفاءً للشتاء (10) سكون البراءة وكنتُ كلما خلت منك حياتي ملأتها بضجيج لا حسّ فيه . أتراه اعترافا بأن لا أحد إلا الحب يملك أن يشغل الحيز ما بين المزدحم ! يغدو الأمر كالواحة يغرق فيها العربي كلما أنّ عليه الفراغ، فراغ فارغا من أحلامه، لا ينزع عنه حبًّا إلا ليذكره حبا جديدا . الأجواء تعبق بهواجس البعد والفراق، لعل الزمن قد تفرغ لنا بكليته ليوفر فرصا من العَود والبدء . تكرار نادر لا يقدمه إلا لمن يعشقون بجنون . اعتدتَّ على أن يكون " وضعك حساسا” ! وهذا يضيق المدخل للحب . ولكني أعجب من الأقدار حين تختار ما هو حرج لتملأه بما هو أكثر حرجا ! أليس في ذلك علامة على أن الصعب اختراع العجز، لا إرادة الربّ؟ ! ما أدرك؛ هو أن القلوب تتسع حين تضيق المسافات، وإذ يضطرنا الاضطرار إلى أن نضر أنفسنا عوض أن نربح لها . ابق حولي في أمكنة روحي، فلا تبلغ منا الوحشة غايتها إلا عندما نلفي إلهامنا في حبنا ساكن .

وفاء للشتاء (9)/ غارمٌ في الحب

صورة
وفاءً للشّتاء (9) غارمٌ في الحب ألا يستحق الغارم ما لأجله غرم ! لقد غرمت قلبي إذ أرهقته بالأمانيّ، حتى استفزه الضنى فعاد بذاكرة متلاشية . ألا يستحق الغارم ما لأجله غرم ! وأنا غرمت قلبي إذ أرهقته أمانيّ، فاستفزه الضنىك حتى عاد بذاكرة متلاشية . أزعجكَ أن ترى من يرقب خطواتك، فالحب أقول لك : إنك ما زلت طفلا يعثر في خفاياه ! إننا ننضج حين لا نلقي خوفا لما هو يائس من أحلامنا . قطنتُ أن الحكمة وإن كانت " منك " غير أنها ليست " لك " ، فالمكابرة على الاعتراف بسورة العشق في قلبك - قد حرفت قياس الفطنة من وعيك، فلم تنتفع بما أنت به عالم . " حبنا " مؤنث في جمع الأيام، ومذكر في ذكرياتها، فهو حاضر في لحظته؛ لأنه مغدق في أصالته . ولأني بقلبك أحببتك؛ أجدني في تطواف الظن وتلجلج الحقيقة، لا أعرف على سكونٍ حتى أفر منه على وَجل ! وما أعجل الحب على نفسه بشيء قدر أن يتردد في رشده " أهلُه ".  

وفاء للشتاء(8)/ لأننا محاربون

صورة
  وفاءً للشّتاء (8) لأننا محارِبون كم تُنقص الحربُ من الحب ! حرب العشاق تجوِّز مصالحتهم، أما الداخلون على الشؤون، ففيهم الشجون، أي الفراق . لم أقلق يوما من أن لا نتفق، إذ سيظل في حبنا ما يلهمه أن يفتح الصفحات نقية بلا خطايا . لكن ذاك الذي يطِل من بين الشقوق، قد أعيا القصور دفعه، فكيف بالقلوب وهي ذات تقلّب ! ثِق بأني لا أستمع فيك لأحد، فلا تؤاخذني أنت بأهواء كل أحد . إنّ عهدا قطعته الأرواح قبل التشكّل، لا يصح أن تناله خدوش الكهوف، سكنها الماضي والخفاش . أحبكَ على كلمتي، فأحبني أنت أيضا على كلمتي، إذ كلماتي هي صدقي الفاضل وسط كذب العابرين .

وفاء للشتاء (7)/ حبّ العمر

صورة
  وفاءً للشّتاء (7) حبُّ العُمر وهكذا تنسل المكانة من هويتنا، فيهولنا أن ما عشنا عليه كان ظنا من الظنون السيئة ! إذ ذاك نحشم خطواتنا عن مزيد التطلع، وتولّي وجهة قلوبنا، حيث الحب اعتقدنا فيه الشَّر إلى أن انكسر فينا، وابتعد عنا . ليته بقي ! كان الحقيقة الوحيدة التي تملك أن تحفظ عزة أيامنا حين لهى عنا واشتغل كلُّ بحياته . وأمسيتُ أنا فيك - الآن – صراع الشتاء في لياليه العرجاء، يغالب ربيعا يُنظره الرحيل، وينذره بدرس الزمن : أن ما خلّفنا لن يُسترد، وأن ما أضعنا لن يُعاد، وأن الحبَّ دُولٌ إذا دالت لا تقوم ثانية . فدعنا لا نبذِّر الأنفاس الأخيرة في تردد الأيام الأولى .

وفاء للشتاء (6) تشكرني وأشكرك

صورة
  و فاءً للشّتاء (6) تشكرني وأشكرك وكل شتاء، يستحكم توحيد الحب في قلبينا . فلا كالزمن يطول في الحب حتى ليألفه شغله الشاغل، ووظيفة نفسه من نفسه . وإذ يبرع العاكف في فتل جميل الوِرد- يعلق المحِب في مواساة الأيام أن لم يكن له فيها حبيب . أتراني أخفف لوعة اختفائنا عن عين الزمن دهرا ! ؟ كم أود لو أنعم معك بما أستروح به من نفسي : خلوة، وأنسا ، ومدى . وكأنما للعشق فلتات تحرِج أقدارنا، فتقدم قلوبنا استعراض الصبر والمشقة ف يوهن الحظ من عنفوانه . فقد تأكد أن ما بنا اجتماع الغيب على أصله ، لذا فإن أحوالنا لطائف دون أسباب، وحكمة يلوها تنوير يعلوهما الحب، وما كنت أبغي لشأني قبل أن ألقاك إلا أن يكون على الحب واللطف والحكمة، فكيف أنك أتيت جامع كلهم في كلّك وكلّي .

وفاء للشتاء (5)/ بروحَيْن وخاطرٍ واحد

صورة
  وفاءً للشّـتاء ( 5 ) بِروحَين وخاطر ٍ واحد علمتُ أن الأمور قد شرعت تخرج عن المعتاد ، إذ لم يبق من خفايا عن كلينا من كلينا ! أصحو بك، وتصِحُّ بي .. أدور حولك، وترتدّ فيني .. لا أكتُمكَ سرًّا، وتتكلم بي متى ما شئت . إراداتنا لم تصارعنا، إنما هو ما يجول في خاطرنا المشترك، حيث يتحول الهدوء مريرا، والوجع يحول لذيذا . أوجاع أرواحنا تزورنا إذ نكذِّب من شأننا ما انعقد في أقدارنا؛ أننا أتينا إلى هنا لكي نح ِ ب : أحبك وتحبني، فلو غادرنا الدنيا قبل أن نتم حقيقتينا؛ فإن دَورًا من العذاب غير المنقضي سيستمر في أرواحنا إذ نحن لا نعلم، ولكن نشعر ! تماما، كما أننا الآن – أنا وأنت - نعلم، ولكن لا نشعر، أو ننكر أن نشعر . في البدايات تسود الدهشة، فكل انفعال هو سؤال . وحين تزيد الأيام من عجلتها تارة، ومن تأخيرها تارات، نكون قد انهمكنا في استعارة ملامحنا . فأصير أنت، وتصبح أنا، ويستقر كل همّنا المتتابع، أن نتبيّن من أنا، ومن أنت : حين نتكلم، وحين نفكر، وحين نشعر .

وفاء للشتاء (4)/ خوف بليل قديم

صورة
  وفاءً للشّـتاء (4) خوفٌ بليلٍ قديم اعذرني، لقد زدت عليك خوفك من حبي !  تشابهنا في " قديم " صامت فينا حتى اليوم . دعنا لا نجاوز أرواحنا، فالله الذي قدَّر وهدى، قد نقلنا - هِبَةً - من وحدتنا المنفصلة قبل أن نلتقي، إلى حيث اتحدنا مذ تعارفنا . لكن لا تعالج الصمت بالغضب ! فكلاهما يلتمعان بالبُعد . إذ أقدم عليك كل يوم، فلأني أريدك أن لا تكتشف أنك تضيع من ذاتك ! ما زلت هناك لم تكتمل في صرختك الأولى، تعبث بضفائر الزمن، يستقر فيك حلمه وواقعه . وها قد نضجت اليوم بديع نفسك،تقيس بك كل غيرك، فلا تحرّك فيني حزنا أني لست من أسباب اتزانك، فما يدرينا - لعلي لم أحضر لتظل فيما أنت فيه، لعلي أختص بما ستقدم عليه من سعدك وسعادتك،تلك السعادة التي لم أغتبط روحها قبل أن أغامر في عينيك . شتاء وراء شتاء، عينان مغروزتان في مدامع الأمل والحلم، كالغِيد تخضر كلما زارها الماء .

وفاءً للشتاء (3)/ لعبة أمّ وطفل

صورة
  وفاءً للشّـتاء (3) لعبة أمٍّ وطفل الحرمان من بقائنا حدًّا بحد؛ أتاح لقلبي أن يحبك بأكثر من عاطفة . الأزمنة المحفوظة فينا منذ الميلاد تنمو بزهوٍ، حتى لتمرح بوسعٍ في حبنا . آتيك " أمًّا " تعكز على غير ما طفل، وتركض إليّ " طفلا " عتيقا في أمّ . أن يتعزز العشق بالأمومة؛ يعني أن " الشأن " قد تركنا، فقد صرنا أكبر منه . إنه الأمان أن أجدك وقت أريدك، وأن تعثر عليّ فور بحثك عني . ولكن الغنيمة في من حالنا في حالنا؛ أن أستمر أطاردك، وتستمر تهرب، ويستمر الشتاء بيننا بلا مطر ولا ثلج .

وفاء للشتاء (2)/ فلأني أريد أن أعرف

صورة
  وفاءً للشّـتاء (2) فلأني أريد أن أعرف ليس من عدالة النور أن نغيب عن استجواب أرواحنا - كلينا - حول دور كل منا في رحلة الحب هذه . حسنا، لم أعد أرتضي أن أصفها بقصة حب ! لأنها لم تنفض عراكها بعدُ من قلبي، ثم – وهو الأهم - لأننا لم ندرك ما أراه أصيلا في شعورنا تجاه أنفسنا، فيما نحن نقطع أنفسنا خلال عيش هذا الحب، حبنا . لعبتُ معك دور " المنقِذ " لك  من قدرك ! على أني لم أتخل عن عادتي في الهروب، إلا أني رسمتك على مبسم أيامي سيرورة تكشف لي عن مصيري . هل تراه اختلالا أن نحتفي بالحب على أنه انقضاء أجلنا، وختام مقعدنا في الآخرة ! صدّق أو لا تصدّق، فقد أردتك بهذا الجنون . أحببتك جدا، ولكنك ضلّلتني عن فهم الحب بدوراني حولك، فكانت الحيرة : هل أسعى إليك، أم أسعى إلى الحب؟ تمام الاتصال، عنى في اللحظة ذاتها، تمام الانفصال ! أنتَ روحي سُجِنت في داخلي، وإذ تحررتْ أتتْ على مثالك، ولكنها فيك من غير مستقبل؛ إن هي ماضٍ متألم، وحاضر غير متطلِع . وأتذكر في الشتاء الماضي، أني قد وصلت إلى التسليم بأني ما عدت قادرة على استرجاع نفسي منك، كما لم أعد أملك أن تركك لنفسك، وكفى .

وفاءً للشّـتاء (1) وقد آذيتُه

صورة
  وفاءً للشّـتاء (1) وقد آذيتُه أريد أن أكتب عن الشتاء .. وفاء للشتاء . شتاء فارقتُ  فيه من أحب، وشتاء عدتُّ  فيه لمن أحب . أحبُّ الشتاء لأنه يعرفني قدْ ْ ر الحب، فاليالي الباردة، والوحشة الصامتة، والهمس الوحيد؛ يعيدني إلى تقدير بعض ما كان في قصة حبي من دفء غزير لم أتمتع به طويلا . في الحب نبطر النعمة ! حقا، نتعلق بأوهن الخيوط، ثم نقطعها على أشد ما تكون انعقادا . كان الشتاء وسيلة القدر المفضلة لأن أدرك كم أفتقد الثقة فيما أنا عليه . كنت مرتابة على ما قد يكون عليه حبي، فالمرأة التي تزاوج في فكرها الأضداد : الحب والعنف، يصير فائقا عن حسبانها أن تعتقد بوجود حب من دون إيذاء . حسنا، بما أن الشتاء موسم الاعترافات، فإني أعترف بأني آ ذيته، آذيته مرارا، ففي كل مرة كنت أفضل الابتعاد لأترك له حيرة بحجم قلبينا معا، ثم أعود ! أواسي كبريائي بالقول : هو قد آذاني أولا، ولكني عدت لأجله ! ؟ لا يفي نموذج واحد للمرأة كي يحمل ما يثقل به خاطرها : أحلام نوم، وأحلام يقظة، ولكنها تملك الأحجية بأن تعيش فيهما معا . كيف نصل في الحب إلى حينٍ لا شيء نصنعه سوى أن نضطر بعضنا البعض

#تدوينات_صغيرة (٤)

صورة
   Photo by Roman Kraft on Unsplash يقولون  :  إن الحديث أول كاشف عن الحب !  فكيف إذا توقف الحديث؛ هل تراه ينتهي الحب؟ ! الخطأ أننا نقدم أنفسنا لمن نحبهم بصورة واحدة يعتادون عليها، وعندما تتطور الصورة أو تخرج عن إطارها بفعل التغير الطبيعي؛  نفاجأ بأن نخسرهم ، أو نرتاب فيما كان :  أتراه كان حبا  ! ؟  الحب مسار الحياة، ولهذا المسار دروب وخطوات، بعضها شوك وكثير منها عثرات، ولكنه في الأصل مندفع، ولا بد أن يستمر  مندفعا لا ينتهي . إذا أردت لحبك أن يعيش معك فكن فيه  " أصيلا " على حقيقتك ، مهما كانت حقيقتك غير مرضية في نظرك، لأن قبول هذه الحقيقة  منك  ومن الآخر؛ شارة على أن الحب بينكم لن يموت .

#تدوينات_ صغيرة (3)

صورة
    Photo by Vinicius "amnx" Amano on Unsplash أحيانا يهمنا أن نحدد فيما لو كنا  نكتب لاستفراغ شحنات متعاركة داخلنا؟ أم نكتب لحث فكرنا على أن يتوجه وجهة غير مألوفة لديه؟ ليست التدوينة عن سؤال الكتابة : لماذا أكتب؟ ولكنها عن الأرق المتمثل في : وماذا بعد؟  المفترض أن الإبداع ، بما فيه فن الكتابة، تذوب داخله المراحل والتقاطعات، إذ بمجرد خروج الإبداع تتحقق كل الغايات المدمجة في المبدأ والمنتهى. لذا يصمد الإبداع في وجه تقلبات الحياة، لأنه خارج عن حسابات الأقدار في أصحابها، بل لعله القدر الوحيد المتشابه لدى كل حضارات الإنسانية.  ماذا يضيف لي أن أكتب؟ هل ترى ذلك يغير أمرا واقعا، هذا لو كان ثمة واقع مطلق بالأساس!  في إبان الأزمات السياسية تتعالى الأصوات : هل في مقدور " الشعر" - والإبداع كافة- أن يرفع الظلم ويعدّل مجريات الأحداث؟ ويأتي الجواب: لن يستطيع بيتا من الشعر أن يصنع شيئا! إنه "الشاهد" فقط، يشهد ما يحدث ليتحول به إلى منظومات لفظية جمالية حين يأتي الوقت لتدوين التاريخ أدبيا.  نعم، ثمة إبداع يتفجر في أطوار الأزمات، ليس لأن الإبداع متحقق من قدرته على التغيير،

كوفيد المذكر، وكورونا المؤنثة

صورة
  Photo by Dhaya Eddine Bentaleb on Unsplash قد لا تعني هذه المقالة الكثير للكثيرين، ولكني ومن هم على شاكلتي، تقدم لنا تذكيرا بمرحلة فكرية شهدت تطاحنا بين "المذكر" و"المؤنث" على مستويات عدة: أدبية، ونقدية، ودراسات في البيولوجيا وعلوم النفس والاجتماع، ولا أعلم حقا هل استقر فيها الرأي على نهاية تصالحية، أم ما يزال المفهوم ملتبسا، ولم نستطع بعد أن نفهم المذكر والمؤنث؟! ومع هذا، فإنكم اليوم قد تجدون قربا مع هذا التضارب فيما يتداوله علم الطاقة وعلم التنمية البشرية من خصائص الذكورة والأنوثة المختلطة بين ما حقه أن يكون مذكرا، أو أن يصبح مؤنثا! وأظن أن علوم الطاقة  قد انتهت إلى أنه لا ذكورة ولا أنوثة، فالكل يسبح في كيان واحد، وهذا يعني أن المذاهب الفكرية، وخاصة أطروحات النقد الأدبي، قد فشلت فيما نجحت فيه خصائص الين واليانغ، ربما.  وما أستشفه هنا، هو الاختلاف في التسمية الرائجة للفيروس القاتل، فتارة نعتبره "كورونا" ونحن نطرب للنبرة الأنثوية التي تعيد لنا نقمة الأساطير القديمة ، من أن المرأة هي مركب الشر في هذا العالم، وأنها مصدر كل الأوبئة والزلازل والسحر الأسود ا

#تدوينات_صغيرة (2)

صورة
  Photo by Ben Wiens on Unsplash ا ستعمال المواهب لقصد التفريغ الوجداني وحسب !  فنحن لا نعرج على هذه المهارات إلا عندما نشعر بأننا نضل طريقنا في العالم الخارجي، وكأنها وسيلة هروب عوض المواجهة ودراسة الأخطاء . و لهذا ،ما زلنا نتحدث عن المهارات والمواهب تحت بند  "  الهوايات التي نقضي بها أوقات الفراغ !”. لقد تجاوزنا  تاريخ ً الضرورة، وما زلنا نقف حيث تركنا آخر مزارع وصناعي . الحياة الفاترة تمنعنا من أن نلقي ضوءا على ما بداخلنا .  ومسألة أننا ننضج في الصعوبة، باتت بحاجة لإعادة نظر .

#تدوينات_صغيرة (1)

صورة
  Photo by Kevin Borrill on Unsplash من روحك يأخذ الكون تجسده، فما تراه هو عاقبة ما ينطوي عليه خيالك . لا يكتسب العالم مشاهداته العديدة إلا عبر آرائنا التي ندلي بها حوله . وحين تتبدل الحقيقة بحسب نظرتنا لها؛ سنفقد أي قاعدة من " المشترَك " تمكننا من العيش جمعية متآلفة . ولعل الضرورات البدائية : المأكل، والموطن، والتكاثر؛ قد ترحّلت عبر الزمن لأنها المؤكدات الوحيدة لاستمرار الحياة . فما لم نعثر على " دلائل " بقدر أهميتها، سنظل ندور في ظروف الصراع، حيث لا " مطلق " نختاره أو نضطر إليه .

موظفة أم امرأة: إعادة التعريف

صورة
   Photo by Austrian National Library on Unsplash عندما نتحدث عن متطلبات سوق العمل، فإن من المفترض أن نعالج المهارات التي يطلبها سوق الأعمال محليا وعالميا، بحيث ندفع بالإنسان ليصير مؤهلا لما هو قادم من مستقبل الأيام في مجالات كسب العيش المستحدثة.  ولكن المشكلة أن هذا المفهوم: "متطلبات سوق العمل" آخذ منذ سنوات في مسح "الإنسان" ليضع مكانه "الموظف"، وربما "الريادي" تباعا.  ومع الحضور المتزايد للمرأة في ميادين لم تكن متاحة لها في الماضي القريب، تصبح علامة الاستفهام أكبر: هل يصح أن يتم كبت طبيعة المرأة في مقابل حضور اضطرارية الموظفة؟  إن أطروحة أن تتخصص المرأة في مجالات العمل التي تناسب طبيعتها، رغم صوابها، قد فقدت حضورها أمام حاجة سوق قد تجاوزت نفسها محليا وعالميا. وصارت مجالات الجديد من الأعمال في شراهة لدمج الأيدي العاملة بصرف النظر عن ظروف العمل أو طبيعة العامل.  وأمام الهرولة نحو التمكين للمرأة في مجال العمل، تتهاوى اعتبارات المرأة كينونة، وإنسانية، وطبيعة.  لماذا لا يتم إفراد مساحات من البحوث والأطروحات لمتابعة تطور وضع المرأة مع ما يعيشه المجتم

لا تريد أن تخسر ماضي الفكرة

صورة
   Photo by Christina Bodendorfer on Unsplash المذاق، من يكره أن يحتفظ بالمذاقات العتيقة للأحوال الماضية؟! لسنا في نوستالجيا الزمن الجميل، ولا التحسر على زمن الطيبين. لا، إنما في صدد أن نذكر أنفسنا: أن لا تنسى أنها كانت جيدة في تلك اللحظات الراحلة. ليس من اليسير أن يشعر الإنسان بنفسه جيدة، وأن كيانه موقّر بالاحترام، وأنه صاحب نوايا حسنة! فالتغيير في الطبيعة الإنسانية يخيف نفسها من نفسها. ثم تلك المطالبات المتراكبة عن ضرورة التغيير وحسنات التطوير وأن كل شيء يجب أن يصير مختلفا؛ كل ذلك الحث على تفتيق الجديد بات ينسينا من نحن ابتداء.  المبادئ والقيم لها روعتها في العقل والقلب، وعندما يجد الإنسان من يعنى بتربيته صغيرا، فإنه من الجحود أن نعتبر لحظات التصفيق ذات الحنين عارا نريد أن نتخلص منه!  لقد عشنا جلالة كلمة "عيب"، كما انتبهنا مبكرا لمفردات: الحياء، والسمعة، والهيبة، والشهامة، والكرم، والأنوثة!  فلماذا يكون أول ما نشب عنه هو ترك ذلك الماضي العفيف في مشاعره لنلحق حاضرا مسخا مستوردا بقبح! وهل ترانا نعول على مستقبل أزهى  لحاضر غير متوافق معنا!؟ الخطير في المسألة، أننا عندما نريد ا

المرفوض فينا

صورة
   Photo by Nicola Nuttall on Unsplash هناك ما نكتب عنه كي نهرب منه!  أماكن نتظاهر بزيارتها في صفحاتنا، نرسم خطوط العرض والطول، نحدد جغرافيتها البشرية والأرضية؛ كي نؤكد لأنفسنا بأننا لن نذهب إليها يوما؟! عديد مما ننشئ حوله المشاعر، إنما  هو موضع حرب في مخيلتنا. لأن الكاتب يؤمن ، ولو دون قصد الإيمان، بأن ثمة قوى فاعلة في عالم يلفه بالأسرار، ويطمعه على إنزال واقعه في سطوره.  القائلون بأن أفكارنا تملك سلطة أن تحرك العالم، هم متأخرون جدا عن ذهنية الكاتب: أنه وأفكاره أنداد للحياة، يتصرفون فيما سكتت عنه. البحث وراء "غير المحكي" فيما هو يمتلك قوة التأثير، أو ما نطلق عليه ما بين السطور/ ما في بطن الشاعر/ ما في وجدان الكاتب؛ هو القياس لمصداقية الكاتب في أن يعيش ما يكتبه، ولو مجازا. وبالتالي، فعندما يكتب عن وطن لا يريده، فهو يعيد أدلجة الخارطة الفكرية لنا حول ذلك الموضع، إن كان خيرا أو شرا.  ثمة أوطان هدمها الكتّاب، وأوطان أخرجوها من العدم، وأوطان تباكوا عليها ولم تطأها أقدامهم، هذا التفرد في جرأة الوصول إلى ما لم يصل إليه الإنسان، ليس دافع غزاة الفضاء، إنما أتى من كاتب جرّب أن يهرب، و

براحة أكثر مما هو لازم

صورة
  Photo by Nick Karvounis on Unsplash من المرجح أنك قد قيل لكم -ولو مرة في حياتك- : لقد ارتحت أكثر من اللازم! والسؤال: ما الذي يحدد ما هو لازم، أو ما ليس لازما فيما يتعلق بقدار راحتنا؟! لعل حساب مقدار التعب أو الجهد قد يساعدنا في أن نعترف بما إذا كنا قد ارتحنا أكثر مما نستحق.  في معيش كل منا نوع من التعب المتكلّف، ولكنه يصاحبنا ويقطع معنا سنوات، وسواء أكنا راضين أم ناقمين، وإن كنا نحن من اخترعناه أو أجبرنا عليه؛ ففي النهاية أننا في حال من التعب لشيء ما، أو بشيء ما. ليكن التعب بقصد التعلم، ليكن التعب بقصد التوظيف، ليكن التعب بقصد بناء العائلة؛ هذه غايات التعب، إلا أن شعور التعب يكمن في التأثر اليومي لرحلة "الانتظار" حتى تتحقق الغاية.  الانتظار، ذلك التعب الذي لازم البشرية ضريبة لأحلامها الكبيرة، وأمنياتها الضئيلة. لقد استهلكنا الانتظار ما لم يفعل أشد الفيروسات فتكا، وكما لم تؤديه على -أسوأ وجه -أخطر قنابل النووي، لأننا بإرادتنا نتخذ من الانتظار شريعة بقاء، لا تغفر التقصير ولا تتجاوز عن المسيء منا.  كل انتظار يستلزم الراحة أكثر من الراحة نفسها. فالانتظار يهدم كل سليم فينا ليجع

الكتابة بالأحجية

صورة
  Photo by Jason Leung on Unsplash العيش بالأحاجي ليس بغريب علينا، بل لعله يمثل شهوة العيش في ذاته . عندما بدأنا نفتح على فكرة أن اللغز فن من فنون العقل، وأن الذكاء يقاس بقدر ما تحلل المبهم ونفسره؛ بتنا أكثر خوفا من أن نفشل في رؤية حياتنا واضحة، وإلا لكانت فارغة ! إتقان الرقص على التدرجات مهارة مفيدة لفك أحجية العيش . ومن أمثلة التدرج أن نكتب الفكرة ومشكلها، ثم نعتبرهما معا رمزا للإيحاء بالمزيد من الأفكار . لنفرض أن مشكلتنا في الكتابة هي الكتابة نفسها، وأن هذه المشكلة من شأنها أن تنتج لنا قلقا، فتصبح حينها الكتابة مجالا لأن نقلق، وعندما نقلق نكتب ! ولكن ما شكل الكتابة بالأحجية؟ العبارات التي تخرج في لون الكتابة هذا هي انقلاب على ما هو مستقر . وبالمناسبة، فإننا لا نقصد أن ننقلب على الأفكار المألوفة، ولكن لو كان المألوف حقيقيا، فعلام ما نزال في حيرة من عدم استواء حياتنا على السلامة والهدوء والصواب؟ ! الكتابة بالإشكالية، أو سمها الأحجية، تروي غليل التمرد وتقدم سببا لكي نكتب، لأنها أكسبتنا الأسباب لكي نمارس العيش . في زمن قديم، كانت صورة الرجل الجالس في شرفة منزله، أو