موظفة أم امرأة: إعادة التعريف

 


 Photo by Austrian National Library on Unsplash


عندما نتحدث عن متطلبات سوق العمل، فإن من المفترض أن نعالج المهارات التي يطلبها سوق الأعمال محليا وعالميا، بحيث ندفع بالإنسان ليصير مؤهلا لما هو قادم من مستقبل الأيام في مجالات كسب العيش المستحدثة. 

ولكن المشكلة أن هذا المفهوم: "متطلبات سوق العمل" آخذ منذ سنوات في مسح "الإنسان" ليضع مكانه "الموظف"، وربما "الريادي" تباعا. 

ومع الحضور المتزايد للمرأة في ميادين لم تكن متاحة لها في الماضي القريب، تصبح علامة الاستفهام أكبر: هل يصح أن يتم كبت طبيعة المرأة في مقابل حضور اضطرارية الموظفة؟ 

إن أطروحة أن تتخصص المرأة في مجالات العمل التي تناسب طبيعتها، رغم صوابها، قد فقدت حضورها أمام حاجة سوق قد تجاوزت نفسها محليا وعالميا. وصارت مجالات الجديد من الأعمال في شراهة لدمج الأيدي العاملة بصرف النظر عن ظروف العمل أو طبيعة العامل. 

وأمام الهرولة نحو التمكين للمرأة في مجال العمل، تتهاوى اعتبارات المرأة كينونة، وإنسانية، وطبيعة. 

لماذا لا يتم إفراد مساحات من البحوث والأطروحات لمتابعة تطور وضع المرأة مع ما يعيشه المجتمع -في كل الدول- من تحديثات تطرح نفسها بتأثير مقتضيات التقدم في شروط العمل والإنتاج العالمية. 

اليوم، لم تعد "النسويات" لديها جديد تطرحه غير التخريب الثقافي، ولم تقدم الأطروحات الدينية بصرف النظر عن مرجعيتها؛ تلك الخارطة الواقعية للنمو الطبيعي لتفاعل المرأة مع وجودها وحياة العالم الذي تعيش فيه. 

إن الارتكاز على البحث والنظر هو الطريق الثالثة التي تجعلنا نتبصر في حذرنا أو اندفاعنا،  لا يوجد قيمة أصيلة لأي تغيير ما لم يرتكز على التنظير والممارسة معا. 

في مثل هذه التغييرات المفصلية، تتضج قدرة المعرفة لتنساب في معطيات الأخذ والترك لدى صانع القرار المجتمعي، وقد نعجب أن كل فرد في المجتمع هو صانع قراره، وإن تداولية الفكر ينشأ من صياغة القوى المتحركة في المجتمع، وأحد هذه القوى سوق العمل. 

استقلالية طرف أو قوة برسم أحوال اضطرارية لما حقه أن يكون مؤسسيا عميقا، هو تسرّع في ردة فعل لا تحسب عواقب التحولات التي تحصل في المعطَى الإنساني  الثابت ، والذي يتم هضمه في سبيل إقرار المعطيات المتغيرة.

قد تغيِّر السوق، ولكن الإنسان لن يتغير أبدا، قد يتقدم في مهاراته ولكنه يظل إنسانا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )