المرفوض فينا

 


 Photo by Nicola Nuttall on Unsplash


هناك ما نكتب عنه كي نهرب منه! 

أماكن نتظاهر بزيارتها في صفحاتنا، نرسم خطوط العرض والطول، نحدد جغرافيتها البشرية والأرضية؛ كي نؤكد لأنفسنا بأننا لن نذهب إليها يوما؟!

عديد مما ننشئ حوله المشاعر، إنما  هو موضع حرب في مخيلتنا. لأن الكاتب يؤمن ، ولو دون قصد الإيمان، بأن ثمة قوى فاعلة في عالم يلفه بالأسرار، ويطمعه على إنزال واقعه في سطوره. 

القائلون بأن أفكارنا تملك سلطة أن تحرك العالم، هم متأخرون جدا عن ذهنية الكاتب: أنه وأفكاره أنداد للحياة، يتصرفون فيما سكتت عنه.

البحث وراء "غير المحكي" فيما هو يمتلك قوة التأثير، أو ما نطلق عليه ما بين السطور/ ما في بطن الشاعر/ ما في وجدان الكاتب؛ هو القياس لمصداقية الكاتب في أن يعيش ما يكتبه، ولو مجازا. وبالتالي، فعندما يكتب عن وطن لا يريده، فهو يعيد أدلجة الخارطة الفكرية لنا حول ذلك الموضع، إن كان خيرا أو شرا. 

ثمة أوطان هدمها الكتّاب، وأوطان أخرجوها من العدم، وأوطان تباكوا عليها ولم تطأها أقدامهم، هذا التفرد في جرأة الوصول إلى ما لم يصل إليه الإنسان، ليس دافع غزاة الفضاء، إنما أتى من كاتب جرّب أن يهرب، وفقط يهرب، من مكان لا يوجد إلا في مخيلته وحده.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )