براحة أكثر مما هو لازم

 


Photo by Nick Karvounis on Unsplash


من المرجح أنك قد قيل لكم -ولو مرة في حياتك- : لقد ارتحت أكثر من اللازم!

والسؤال: ما الذي يحدد ما هو لازم، أو ما ليس لازما فيما يتعلق بقدار راحتنا؟!

لعل حساب مقدار التعب أو الجهد قد يساعدنا في أن نعترف بما إذا كنا قد ارتحنا أكثر مما نستحق. 

في معيش كل منا نوع من التعب المتكلّف، ولكنه يصاحبنا ويقطع معنا سنوات، وسواء أكنا راضين أم ناقمين، وإن كنا نحن من اخترعناه أو أجبرنا عليه؛ ففي النهاية أننا في حال من التعب لشيء ما، أو بشيء ما.

ليكن التعب بقصد التعلم، ليكن التعب بقصد التوظيف، ليكن التعب بقصد بناء العائلة؛ هذه غايات التعب، إلا أن شعور التعب يكمن في التأثر اليومي لرحلة "الانتظار" حتى تتحقق الغاية. 

الانتظار، ذلك التعب الذي لازم البشرية ضريبة لأحلامها الكبيرة، وأمنياتها الضئيلة. لقد استهلكنا الانتظار ما لم يفعل أشد الفيروسات فتكا، وكما لم تؤديه على -أسوأ وجه -أخطر قنابل النووي، لأننا بإرادتنا نتخذ من الانتظار شريعة بقاء، لا تغفر التقصير ولا تتجاوز عن المسيء منا. 

كل انتظار يستلزم الراحة أكثر من الراحة نفسها. فالانتظار يهدم كل سليم فينا ليجعله معطوبا بهوس المؤقت، والاستعداد، والحذر. 

لأني انتظرتُ أكثر من اللازم، فلا حرج علي أن أرتاح أكثر مما هو لازم.

ولكن المشكلة الآن، أني ما عدت أعرف مقدار ما يلزمني من التعب، والراحة، وبينهما الانتظار! وهنا يكمن الداء الدفين حين تصبغ حياتنا الصفة الواحدة، إذ نفقد مهارة عيش خيالات جديدة تسمح لنا بأن ندرك إدراكا مغايرا عما اعتدنا، فأعز ما يأخذ منا الانتظار؛ الخيال الذي هو فسحة الروح المقيّدة. 


كيف تكون صور من خسر الحياة؟

ساقطا من صيحات الهندمة

لا يستخدم صباعات الشعر

يضرب صغاره إذا رآهم يلعبون

يضارب بماله في انتظارات مؤجلة 

يأوي مبكرا إلى فراشه.. ثم ينهض

أول الليل!

لا يفكر بالحبّ،  كي لا ينهزم

ولكنه يحظى بدفتر صغير 

يسجل بحرص شديد

أسعار البقالة الشهرية!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )