#تدوينات_ صغيرة (3)

  


 Photo by Vinicius "amnx" Amano on Unsplash




أحيانا يهمنا أن نحدد فيما لو كنا  نكتب لاستفراغ شحنات متعاركة داخلنا؟ أم نكتب لحث فكرنا على أن يتوجه وجهة غير مألوفة لديه؟

ليست التدوينة عن سؤال الكتابة : لماذا أكتب؟ ولكنها عن الأرق المتمثل في : وماذا بعد؟ 

المفترض أن الإبداع ، بما فيه فن الكتابة، تذوب داخله المراحل والتقاطعات، إذ بمجرد خروج الإبداع تتحقق كل الغايات المدمجة في المبدأ والمنتهى. لذا يصمد الإبداع في وجه تقلبات الحياة، لأنه خارج عن حسابات الأقدار في أصحابها، بل لعله القدر الوحيد المتشابه لدى كل حضارات الإنسانية. 

ماذا يضيف لي أن أكتب؟ هل ترى ذلك يغير أمرا واقعا، هذا لو كان ثمة واقع مطلق بالأساس!

 في إبان الأزمات السياسية تتعالى الأصوات : هل في مقدور " الشعر" - والإبداع كافة- أن يرفع الظلم ويعدّل مجريات الأحداث؟ ويأتي الجواب: لن يستطيع بيتا من الشعر أن يصنع شيئا! إنه "الشاهد" فقط، يشهد ما يحدث ليتحول به إلى منظومات لفظية جمالية حين يأتي الوقت لتدوين التاريخ أدبيا. 

نعم، ثمة إبداع يتفجر في أطوار الأزمات، ليس لأن الإبداع متحقق من قدرته على التغيير، وإنما لأن الأزمات هي محثات نفسية وفكرية للتجربة الفردية للمبدع، ولا أكثر! 

الانفعال بالشيء؛ هو الدافع لتقييده فنّا إبداعيا. ولكن المشكلة حين تجبر الحماسية الجمعية المبدع على أن يكتب أو يرسم لغرض أن يساير الاتجاه العام الثائر! المتاجرة بالإبداع لا تقل جرما عن التسول بالتجارب الشعورية، إذ كلاهما يخرجان بالإبداع عن مسار الحرية، الحرية للمبدع أولا في قرار إنشاء الإبداع. 

وكم دمرت قرائح للمبدعين،  وضيعت ميزة الاستقلالية لللإبداع ؛ نتيجة الضخ العنيف لضرورة مجتمعية، ولكنها ليست بالضرورة "إبداعية". 

الإبداع ليس بمعزل عن مجريات محيطه، ولكنه -وحده- الذي يختار لحظة أن يأتي ويفرض نفسه على مشهد الأحداث كلها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )