وفاءً للشّـتاء (1) وقد آذيتُه

 



وفاءً للشّـتاء

(1)

وقد آذيتُه


أريد أن أكتب عن الشتاء.. وفاء للشتاء.

شتاء فارقتُ فيه من أحب، وشتاء عدتُّ فيه لمن أحب.

أحبُّ الشتاء لأنه يعرفني قدْْر الحب، فاليالي الباردة، والوحشة الصامتة، والهمس الوحيد؛ يعيدني إلى تقدير بعض ما كان في قصة حبي من دفء غزير لم أتمتع به طويلا.

في الحب نبطر النعمة! حقا، نتعلق بأوهن الخيوط، ثم نقطعها على أشد ما تكون انعقادا.

كان الشتاء وسيلة القدر المفضلة لأن أدرك كم أفتقد الثقة فيما أنا عليه. كنت مرتابة على ما قد يكون عليه حبي، فالمرأة التي تزاوج في فكرها الأضداد: الحب والعنف، يصير فائقا عن حسبانها أن تعتقد بوجود حب من دون إيذاء.

حسنا، بما أن الشتاء موسم الاعترافات، فإني أعترف بأني آذيته، آذيته مرارا، ففي كل مرة كنت أفضل الابتعاد لأترك له حيرة بحجم قلبينا معا، ثم أعود! أواسي كبريائي بالقول: هو قد آذاني أولا، ولكني عدت لأجله!؟

لا يفي نموذج واحد للمرأة كي يحمل ما يثقل به خاطرها: أحلام نوم، وأحلام يقظة، ولكنها تملك الأحجية بأن تعيش فيهما معا.

كيف نصل في الحب إلى حينٍ لا شيء نصنعه سوى أن نضطر بعضنا البعض إلى الألم! لا أريد أن أفارقه، ولكني أريده أن يتأذى، نوع من هيستيريا فوضى الذنب.

ثم، وبعد أن رحل، وجدتني أستمر في الإيذاء، أؤذي نفسي الآن.

رغبتي التدميرية لإنهاء ما ساءني على مدى العمر؛ تطورت إلى طابع معاشٍ وجد أريحية في علاقة الحب. فالحب يظهر أضعف منا، ثم ما نلبث أن ندرك متأخرا أننا فيه كنا الضعفاء، وبعد فراقه قد صرنا من الفانين.

لا أفكر في استعادته حتى ينقضي الشتاء، فأنا أريد أن أشقى بالألغاز الشتوية حيث كل ليلة تعبر وكأنها آخر ليلة في عمر لحظتي هذه، اللحظة المؤذية لي وحدي.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )