رسائل في الروحانية (1)

 



        ما يحدث من إسباغ المعجزة على نتائج الرياضات الروحية، هو شيء من طبيعة الإنسان ولا يحمل دلالة على حق أو باطل، أو صواب أو خطأ! لقد عرفت الأمم كلها ، من كان بديانة أو خارج أي شكل ديني، أشكالا من الممارسات الروحية التي تعزز جانب " الروح" ومهاراتها ومواهبها، حتى وصل بهم إلى أن يحققوا المعجزات الخارقة للعادة ، وربما للطبيعة. ولكن هل هذا يعني أنهم وصلوا للحق والحقيقة من شأن أنفسهم؟! بالطبع ، لا! إنك كما تنمي مهارات الجسد ليمنحك أفضل الفوز في السباقات، وكما تنمي العقل ليكون لؤلؤتك في ميدان الاختراع، فإنك كذلك تصنع بالروح، حيث تفرد لها مساحة من الوقت والجهد لتوليها الرعاية والإنماء لإظهار المغيَّب منها، ولكن تظل توجيه القوى الروحية مرهونا بالإرادة الأصيلة في تكوين الإنسان، فحتى الروح مهما عظمت ملكاتها لن تخرج عن وقوعها تحت سيطرة قانون الخلق "أريد، ولا أريد".

         لكن الخطورة التي تحدث خلال معالجة إطلاق المهارات الروحية، أو في سبيل التعرف على مواهب الروح، هو إلباس الروح ما ليس لها. فإذا كان للجسد تقييماته الخاصة بحسب الوزن والكتلة ومستوى المناعة ونحو ذلك، وإذا كان للعقل تفاوتا خاصا في قوى الاستيعاب والتذكر وسائر قواه التي لا يتشاركها اثنان، وإذا كنا قد رفضنا النظام التعليمي الذي عامل الطلاب كلهم بأسلوب "النموذج الواحد"، حتى صار كلا من التربية والتعليم يتوجهان لإنسان غير موجود إلا في النظريات. فكذلك يحدث اليوم مع الروح. إذ ليست كل روح بحاجة لذات الممارسات، أو أنها تحمل ذات القدرات، أو تدخر تجارب موحدة مع الأرواح الكثيرة. ومعالجة الروح أمر مختلف لوجود عنصر الإيحاء النفسي الفطري. بمعنى أن تقديم مشكلة معينة لروح ما تزال تتطلع نحو معرفة ذاتها؛ يجعل هذه الروح تؤمن أن تلك مشكلتها ولو بأدنى مسيس! ولأن عالم الروح يتم فيه الاقتباس سريعا ثم التمثل أسرع، فإن الإيحاءات المستمرة تلعب دورا خطيرا في إخماد الروح المعافاة لتصبح مريضة بالوهم، والوهم فقط.


يتبع..


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )