حين ينام العقل

 





هل اختبرت يوما أنك في موقف تحتاج فيه لدقة التركيز وحضور الذاكرة القصيرة، فإذ بضبابية وزيف يقتحمان عليك مركز التحكم في فهم الأمور، وتجد أن ما كنت معتادا على حله إذ بك تسيء فهمه فضلا عن حله، بل وتخترع له حلا غير منطقي بحال؟!

هذه الحال حين يكون عقلك نائما، وإن كنت مستيقظاـ وفي موقع خطر يجبرك على أن تكون في كامل وعيك، ولكن عقلك نائم في سباته الخاص. 

التقاعل بين الوعي والعقل، بمعنى متى يكون عقلنا حاضرا ليعطينا وعيا سليما بالقضية، هي من المشكلات التي ما تزال غير مفهومة في علوم دراسات الإنسان الواسعة، متى يحضر العقل ومتى يهرب بنفسه منا؟! كيف نخسر بصيرتنا أحوج ما نكون إليها؟ ولماذا نفقد مهارة كنا قد تأكدنا من اكتسابنا بها في لحظة خاطفة، ثم ما تلبث أن تعود إلينا بعد الخروج من الموقف الصعب؟!

كلها أسئلة تثير شكوكا حول مصداقية أننا نتحكم في عقولنا، وأن نعتبر أن هذا من تمام إرادتنا الحرة. صحيح أن معطيات العناية بالعقل: كالنوم الجيد، وتخفيف القلق، واتباع الآنظمة الغذائية السليمة، ونحو ذلك من شأنها أن تعدل من صحة العقل وتقلل من تعثره، ولكننا لا نضمن حقيقة أي شيء يتعلق بالعقل: متى يعتزلنا العقل ويدخل في سلامه الخاص وينام وقت يشاء، لا نعلم. 

الشعور المرافق حينها يكون "الخذلان"! نشعر بأن عقلنا الذي تعبنا على حشوه بالمعرفة والمنطق قد خذلنا، فلم تفلح الثقافة في أن تبقى معنا بالمعية المتصلة، ولم تصلح الشهادات العلمية التي تحملناها ما أفسده العقل وفق خياره الحر. فأين حريتنا تكمن ما دامت عقولنا ليست لنا؟ 

راقب عقلك متي ينام منك ويتركك في هيئة العاقل دون القدرة على اتخاذ قرار متعقل؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )