هل لديكم أسئلة
سنوات إثرا سنوات، والمقولة المتوارثة بأن الكاتب: هو كائن مسكون بالأسئلة، تمضي دون رقيب!
الربط بين وجود الأسئلة واحترافية الكتابة، بل والترقي فيها، كان أشبه بلزمة الكتابة ذاتها. وللحق، أن الفكرة ليست عربية، بل هي قادمة من حيث تفجرت الكتابات الغربية والحداثية عموما.
ومع هذا فقد كنت ، ورغم مهارتي في طرح الأسئلة كما أظن، في شك من أن "السؤال" قد يُخرج -بحق- كاتبا عربيا مسلما أصيلا؟!
إن الأسئلة المعنونة بأنها كائنات الكتابة إنما هي نوع الأسئلة الوجودية: المتعلقة بعلة وجود الإنسان، وفكرة وجود الخالق، وكيف المسير في الحياة وسط تناقضات الخير والشر والإصلاح والفساد والعدالة والظلم.
هذه الأسئلة المصيرية قد يكون مقبولا تفجرها في ييئات غاب عنها الوحي الإلهي، واستمرأت أن تخدش إنسانيتها كي تدرك أنها في النهاية إنسان ليس لديه إجابات كل الأسئلة. هل ترى- اليوم- هذا الانكفاء على الذات الذي انتهى كل الكتّاب في العالم: ما من إجابات، ولا مزيد أسئلة؟!
وقد كنت -وما زلت- في تصور دائم، بأن الكاتب العربي المسلم ليست لديه مشكلة مع فكرة الوجود، لأن الوحي الإلهي قد أجابه عن كل الأسئلة في بيان شاف مفصل ترجمته آيات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فهل نحن - الكتّاب العرب المسلمين- في صدق مع أنفسنا حين نحيل القارئ على أسئلة تتعلق بأحقية كونه مخلوقا، والكون مخلوق، والحياة مخلوقة أيضا؟!في رأيي هذا عبث ، أيما عبث!
وقبل عدة أيام، وعذرا لهذا التأخر الطويل في القراءة! قرأت الكاتب الفرنسي الحداثي الأشهر : أندريه جيد، في روايته "الباب الضيق"، والتي عرّبها الأديب طه حسين في عربون صداقة لصديقه القديم.
في مقدمة النسخة المعربة ذكر أندريه جيد بكل شفافية، بانه لا يعرف إن كانت كتبه ستلقى قراء من العرب والمسلمين، لأنه يرى أن القرآن الكريم ،وعموم التراث الثقافي الإسلامي، قد حمل سلفا كل الإجابات الشافية والكافية والوافية للعقل المسلم، فليس لدى المسلم أرق وجودي كما هو الإنسان في الغرب، لذلك: هل تراه ينتفع بقراءة تراث الغرب الأدبي المثقل بهواجس الوجودية؟!
هكذا، أكون قد عثرت على تصديق ظني الأول: بأن تكرار الحديث عن أن طرح الأسئلة الوجودية هو صنعة الكتابة، بأنه حديث في غير محله ونحن نقيم يالكامل في خضم تراث إسلامي نقي، قد تربى عليه الوجدان المسلم منذ نزول القرآن الكريم وبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا أيضا يأتي بمثابة إعلان مضمن : بأن يكف الكتّاب العرب عن استيراد المشكلات الفكرية من مجتمعات بعيدة، ليصبوا ثقلها على العقل المسلم بنزعة تسويقية لخلق مشكلة ثم ادعاء العثور على الحل في كتبهم؟!
لو عدنا إلى قول أندريه جيد وستجدونه مكتملا في مقدمة ترجمة الرواية المذكورة، فإننا أمام جريمة تراكمية ضخمة تجاه ما أفرده الكتّاب العرب المنتحلين لأفكار الغرب والشرق، ثم أقنعونا به زورا وبهتانا بأنها الأفكار التقدمية الوحيدة القابلة للحياة؟!
أتصور أن الإجابة على سؤال : ماذا نكتب؟ آن لها أن تنحو صوب الصدق مع المعتقد، وإذ ذاك ستجد الكتابة أطروحات حقيقية تكتب فيها، بدل إعادة تكرار ما قد تمت الإجابة عليه "سماويا".
تعليقات
إرسال تعليق