الحب على طريقة الوردة
كما أن هناك مستويات مخيفة من الكراهية تجعلها فادحة الخطر ، فإن ثمة مستويات من الحب مفزعة حقا.
عندما تفكر فيمن تحب وأنت تسال نفسك سؤالا أولا: هل هو بخير الآن؟ وسواء أكان قريبا أم بعيدا، فإن السؤال لا يفارق وعيك: هل هو بخير الآن؟
إن قسما من الحب هو وسواس قهري - شئنا أم رفضنا- إذ يكون عقلك غير قلبك حينا، وعقلك غير عينك حينا، وقلبك غير عقلك وعينك أحيانا وأحيانا.
ليس كونك تلمس الحب معناه أنه لن يفارقك، وليس أن الحب بعيد عنك معناه أنه ليس في حياتك، فهذا الشد والجذب فضيلة في الحب تجعلك تتوق إليه، فهو يسحب وعيك ليجتمع في بؤرة واحدة، وتظن إذ ذاك أنك قد توحدت في نفسك ومع محبوبك، ثم يعود ليفلتك أحوج ما تكون إليه كي تمشي على قدميك وحدك إليه، كالطفل توقفه أمه ثم تتركه لا ليهوي، بل ليمتلك قرار حركته بإرادته، والحب بود أن يطمئن - على الدوام- أنك تريده حقا وعلى الدوام.
مازلت على استدعاء يقيني الأول: بأن ليست كل القلوب مهيئة للحب الذي يكون فيه الحب سيد القصة كلها. الحب شاقّ حقا، ولا تحتمل كل النفوس شقوته وشقاءه، إنه يفري العقل ليحتد في مخيلته، وليس كل وعي إنساني بقادر على أن يعيش في تردد ما بين التعقل والتخيل، مسلوب الحد الفاصل بينهما، فضلا عن الميزان الضابط للشطط الحاصل فيهما في لحظة الحب.
إن القلب يتألم بحق وحقيق، وليس قولنا ألم الحب أنه فورة خرافة، بل إن النزغ القوي في جهة الصدر يدركه المحِب على اختلاف أطواره في الحب. وهو مرهق لكامل الجسد، كما أن فِكَر الحب استنزاف لقوى العاقلة فينا.
فما الذي يضطرنا إلى وجع القلب وأرق العقل، وهما كل ما نحن بهما موجودين؟! الأصل، أنه لا جواب، لو قلنا بأن الحب قهر واضطرار، ولكننا نعود لمقالتنا الأولى: بأن الأفضل أن لا يتعرض للحب ضعفاء القلوب، وأن الحب كل الحب هو مفرد لمن يحب على طريقة الأدباء.
تعليقات
إرسال تعليق