الشغف يزداد ولا بد


   قريب من الكتابة من القلب – الذي تطرقنا إليه في المداخلة السابقة – ما هو أصل حماسة الكاتب في استمرار سعيه نحو الارتقاء بكتابته ،وإضفاء المزيد من الألق عليها ؛ ألا وهو شغفه الدافع إلى معانقة كل كلمة وفكرة ليبدع منهما وجوها جديدة للذات الإنسانية المتخمة بالضبابية .
فما هو الشغف الذي لابد وأن يزداد ولا يفتر في نفس الكاتب ؟ بادئ ذي بدء لابد وأن نقرر بأن الكتاب هم كائنات شغوفة ! نعم ، إن الكاتب الحقيقي هو تلك العاصفة التي لا يهدأ داخلها صفير الأقلام ،ولا تطاحن الأوراق .
فمن  أين يأتي شغف الكتابة ؟
قد يكون الشغف نابعا من قصة الحب التي يعيشها الكاتب مع كتابته ،فهو يؤدي دوره الكامل في توطيد هذا الحب واستبقاء الحلم باللقاء .إن فعل الكتابة حينها ماهو إلا  إشهار"الدليل" ،وهذا النوع من الدليل هو من أرفع مراتب الأدلة المنطقية التي عرفها البشر ، إنه الدليل القائم من نفسه على نفسه بنفسه ،فالكتاب دليله كتابته على موهبته الكتابية بكتابته هو ذاته .
وقد ينبع الشغف من سؤال الكاتب الأرق حول نفسه : من هو ؟ أو ماهي ؟ فهو يرى نفسه عاجزا وحده عن الإجابة على هذا السؤال ،لذلك يلجأ إلى الكتابة رغبة في أن يقرأه الآخرون ويساعدوه على حلّ لغز ذاته ،وفعل الكتابة حينها يكون ممارسة لعملية الخلق الثانية لنفسه ، إما سعيا وراء صورة أمثل وأكمل ، وإما هروبا من وضع قاتم تأباه نفسه ولا تستطيع التأقلم معه ،فهو يستجلب الراحة والسكينة لتوتره الفائض في عملية بنائية حقيقية يراها أمامه ألا وهي الكتابة ،بدل أن يلجأ إلى وسائل أخرى كالإدمان أو معاقرة المحرمات مما يُنهي حياته ولا يجيبه على سؤال نفسه .
 وقد كثرت الأمثلة قديما وحديثا على  التوصية بالكتابة كفعل استشفائي سواء لألم حقيقي قائم في النفس أو العقل ، أو كنوع من الاسترواح من ثقل وطأة العجز الذي يعري النفس من أجمل فضائلها، و يوهن أعظم قواها ؛ألا وهي قوة التغيير ، فالكتابة حينها تربي شغفها من الرغبة في الحياة ...من إرادة الكاتب أن يظل يتنفس الهواء بقلبه ،وتلفح الشمس روحه ،ويسكّن الليل عقله .
فإذا كان الشغف إلى هذا الحد من القدرة في أن ينتقل بالكاتب من مرتبة الكاتب الجيد إلى الكاتب الفذ الذي لا يشبهه شيء سوى نفسه ،فكيف لنا أن نبني هذا الشغف في داخلنا ؟
الطرق كثيرة ولكنها تلتقي عند قمة واحدة : أن تكتشف ذاتك !
ماهي الأشياء التي تبعث فيك النشاط والحيوية وتزيدك حماسة ؟ متى ترى نفسك في أفضل حالاتها :قادرا على العطاء ،قويا في مواجهة التحديات ؟ماهي نقاط التفرد في شخصيتك وما مميزات عملك التي لا يستطيعها الآخرون ؟ إن قسطا وافرا من حل لغز الدافعية لدى الإنسان يكمن في التعرف على نمطه الخاص ،وتوظيفه بشكل لائق يدعم مهاراته الداخلية .هناك العديد من الاختبارات النفسية التي تساعد الإنسان في التعرف على نمطه الشخصي ،ثم يجتهد الشخص ذاته في تطوير قدراته وملكاته وتقوية جوانب الضعف فيه . من أبرز هذه الاختبارات النفسية ، اختبار (مايزر برجز) لتحديد نمط الشخصية .
للتعرف على هذا الاختبار بصورة أشمل راجع الرابط التالي :

لإجراء الاختبار بصورة مجانية ، على الرابط التالي :

إن شغفنا الحقيقي يكمن في الشعور بالأمن الداخلي ،والسكينة الروحية ،وما نقصده هنا هو شعورنا بالاكتفاء بمواهبنا، وأن الكتابة باعتبارها أحد تلك المواهب ؛بل والممارسات ، هي قادرة على أن ترتقي بنا .إن أعظم شعور يختلج الإنسان بالفخر ويزيده ثقة وشغفا ؛حين يشعر أنه قادر على أن يجعل حياة شخص ما أفضل ،إنه وقتها يشعر بالامتنان لذاته وينبض في داخله إلهام جديد بأن للحب والشغف مرادفات أعمق يطول معها الإحساس بالحياة فما أعمارنا الحقيقة إلا بعمر اللحظات التي تمر علينا ونحن نشعر بالحب .. بالشغف .. بالحياة  .

متى وأين وكيف يزداد شغفك بالكتابة ؟ إن ظروف حياتنا المختلفة تولد مصادر للشغف لا تعد ولا تحصى ،فشاركنا في التعليق على هذه المداخلة بمصادر هذا الشغف لديك ولتعلم أنك حينها ستزداد شغفا بحياتك كلها ...شكرا مقدما 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )