إني لا اشعر بك..يا عالمي



ها قد أتت إجازة نهاية الأسبوع!؟
مؤكد أن الأمر مفرح..ولكنه أيضا مقلِق!!
الفرح بانتهاء أسبوع من العمل، الفرار من قيظ النهار، الابتعاد عن ضجيج المواصلات، أن ننسى ولو قليلا النماذج البشرية المزعجة في محيط العمل، ولربما أن الارتماء في أحضان النوم هو كل ما نتمناه الآن خاصة لو كان الأسبوع الأول لطلاب المدارس وأولياء الأمور على حد سواء، أو للعائدين من الإجازات بعد أسبوع من التأقلم الصعب مع تبعات ما بعد السفر، أو للموظفين المغبونين حقهم في الإجازة الوظيفية وهم يسمعون مغامرات زملائهم الرحَّالة!!
كلنا إذا بحاجة إجازة نهاية الأسبوع هذه خاصة ، دون غيرها من الإجازات، لأنها ببساطة تشكل المرحلة الانتقالية بين أحوال متعددة، وهي صعوبة وقتية ولكنها حقيقية لنا جميعا. حتى بالنسبة لسيدات المنازل فهذا الأسبوع قد يعني الإعلان عن انتهاء مواسم المطاعم السريعة، والعودة إلى الكبسات!!

الفكرة هنا تنصب على مدى ارتباطنا بعالمنا الداخلي الذي من المفترض أن يرحل معنا حيثما توجهنا، وأن يظل مزدهرا فينا في أي وقت من يومياتنا، ثم كيف نحافظ عليه مهما تقلّبت بنا المناسبات.

إنه الاستشعار بذاتنا الباطنة، ونقصد بهذه الذات الباطنة: أفكارنا، وتصوراتنا، ورؤيتنا، ومشاعرنا، ولغتنا، واسبتطاننا للهيئات المختلفة التي نتحول إليها بفعل التغيرات الحياتية. هذا الاكتناز بأنفسنا هو ما يجعل التغيير مثمرا، ودون وعي، نقوم بتحويل كل ما نراه ونسمعه ونعيشه؛ ليكون مصدر وقود يغذي الأبعاد القصوى داخلنا. 
لذلك لا نعجب أن الكاتب الحقيقي تكثر كتابته كلما بدت الأمور حوله "فوضوية" أو "شائكة" أو "غير قابلة للفهم"!
 وكذلك لا نستبعد أن اختبار القارئ الممتاز يأتي بأن يحافظ على هدوء عقله سواء أكان في شارع مزدحم، أو في طابور الشراء، أو في القطار السريع! 
إني أحب أولئك الناس الذين تراهم بمجرد أن يركبوا سيارة الأجرة أو الطائرة، أو يوضعون في لحظات انتظار في العيادات أو الدوائر أو حتى وهم يراقبون أبناءهم يلعبون حولهم؛ تراهم قادرين على الدخول في عالمهم الباطني بهدوء وسلام..
فهو إما أن يفتح كتابه ليكمل قراءته، وإما أن تشرع هي في استكمال نسج قطيفتها، أو أن يمسك كل واحد قلمه ليكمل ما بتدأه بالأمس أو ما حقه أن يبدأ به اليوم، الآن، في هذه اللحظة تحديدا.. اللحظة غير الملائمة!

في تصوري أن هؤلاء الناس لا يعانون من توابع العودة إلى الحياة الروتينية، كما أنهم لا يفقدون توازهم في مواسم الإجازات، ولا ينسون أنفسهم في السفر..لأن ما بداخلهم يظل في داخلهم.. وعالمهم هو كل داخلهم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )