فراشة النار ( قصة قصيرة )

" الناس ينتظرون بفارغ الصبر من يفتح لهم بابا إلى الهاوية ، ولكن أحدا منهم لا يجرؤ على التقدم ، تماما كما يعجز كل منهم عن إخماد غول الغواية في نفسه !!".
كانت كلماته ألقاها إليّ وأنا أستدرك عليه علاقتنا الافتراضية في عالم النت ...

" كم يقتلني تناقض الحال والمقال معك ؟!"
.............................

وقع الأقدام خلف الأبواب يوجس من غريب قادم أو يبشر بقريب زائر .. أما في بيت العنكبوب فالقوانين تغدو واهية تماما كشباكه التي يحترفها المتنصلون ... أولئك هم أشباح النت !!...
في غفلة من السكينة المحترقة من عمرها المنصرم قصت علي عمتي كيف أن المرأة التي لا تكتب تصير خاتم الرق بيد كاتبها ، وكما أن الخاتم يباع ويشرى ؛ فكذلك المرأة عارية تعار وترد كلما هبت رياح الرضا عنها أو اختصمت عواصف الرفض عليها ...!
جذبتني من ذراعي بقوة وعيناها جمرتا دمع ملتهب .. صرخت في طفولتي : كوني سيدة قرارك .. كوني كاتبة !!
أوصدت تباشير الأنوثة وأشرعت ألوية الكتابة ، معركة مستمرة أكون فيها الأرض والسلاح والمقاتل .. أما العدو فهو حاضر أبدا : ضعف المرأة !!..
..........................................

النشر في النت حرية تقلم أظفارها في مجتمع لم يألف الكلمة الشجاعة ... يندب الكاتب الشريف جَدّه ليظفر عابث متطفل بجِدّه ..
ناقشت هذا النفاق الثقافي في إحدى كتاباتي .. انبرى يؤيدني ويذود عني خصوم " المبدأ " كما كان يصفهم في سطوره ... سطور وكلمات أهدرت إرادتي ... وكعاصف عاد أسلمته ظاهر عقلي و .... باطن قلبي !! أردته صوت الحاضر القريب لصدى عمتي البعيد : كوني كاتبة !!
خيوط حكايتي المهترئة استوت أكثر تنظيما وحياة بين يديه حين سألني يوما " من أنتِ ؟ " .. لم أصمت ولم أتعثر ... الامتنان له بعظيم الترتيب في قلمي صيرني جامحة في الانقياد إليه ..
" هاقد انتصرت في آخر معارك المرأة ... معركة الزمن ... حين ترتخي الأنثى خريفا لم يكتمل ربيعه ... حين يؤوب الراغبون زاهدين من إحياء المرأة الراكدة في جسدي !!"
أمسكت المرآة بشجاعة لا لأمارس طقوس المرأة فأندب شعرة بيضاء اشتعلت في مفرق الانتظار ...لا
ولا لأكتم الدمع من تجعيدة قاتمة نتأت على جفن تغضن من جفاف الحلم ... لا
استنفرت قلمي وكتبت عليها : نجحت ...أثبتُ أنكِ عبث ؟!!
.................................................. .

استوفى العامان أجلهما وناهز الثالث على الرحيل ... الخطوات المتثاقلة لم تمتلك الشجاعة لتملأ المسافات الفارغة بيننا ...
أخبرتني صديقة كثر اعتلالها بزوجها : إن الرجل يريد أنثى ولا شيء غير الأنثى ، أما العقل والكتابة فهي تسلية العاجز يجدها في المنتديات ، فكاتبات المنتديات كفيننا نحن الزوجات مشقة ممارسة العقل التي نكرهها مع أزواجنا !!...
ضحكَتْ بكل غباء الأنوثة ... بكيتُ بكل حرف مارسته شعيرة الكتابة !!
هذه المرة لن أحمل إليه السؤال كريشة تنتفض من مراودات الحيرة ...
عزمت أن ألج الأنوثة من أدق تفاصيلها ... أردت أن أعثر على براءة التهمة في رجولته ....رجولة باتت تشيخ في " المبدأ" !!
" ضعف المرأة " راقه كثيرا .. الطرب يفوح من حروفه الظمأى للمزيد ...
" أريدكِ زهرا لم تسطع عليه غير شمسي ....
أريدكِ أرضا قفرا إلا مني ...
أريدكِ موجا لا يتلاطم إلا في سلطاني ...
أريدكِ ....
أريدكِ ...
أريدكِ ..."
كل ( أريدكِ) تنهال ضربا على أوثان المُثُلِ التي عكفتُ عليها بين تفاريق سطوره ليالي عددا !!
.........................................

الحب أعذب معاناة يختارها الإنسان فرحا ، وأعظم ابتلاء يطلبه البشر كي يكشف عن ذواتهم المجهولة !!
الحب ينساب غيثا يبرد شوب الوحدة ويكسر جبروت الهرم ويفتق كآبة الوعي ...
الحب ينبثق نورا في كوة النفاق ليريك أصدق مافي الحقيقة من معنى ... معنى قد ينتظم في الجمال ويفرضه الجلال ، أو معنى قد يسلك في الفساد وتطلبه الخطيئة .!!
أن تدرك أيها الإنسان أنك ( معنى ) لم يدرج لفظه في أساطير الحب ؛ فإن هذا يهبك قوة كي تجعل المستحيل ممكنا ... و يلهمك سرا كي تدرك أن التغيير سنة التصحيح ...
كان الحب كلمته ( هو ) في الأولى .... وسيكون خاتمتي ( أنا ) في الأخرى !!
" ولأني أحببتك أيها الحب ؛ أريدك أن تبقى ملاكا في عالم الروح يوحي إلى الأجساد أن تطهروا ، وإلى العقول أن تفكروا ...
ولأني أحببتك أيها الحب ؛ فلن أعود إلى ...... الكتابة !!".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )