ويغفو كل ليلة ( قصة قصيرة)

Fear of the dark

كان الحلم أكبر من أن يتسكع على مقهى (من يأكل ويشرب ويغفو كل ليلة)!!
ذلك أن ممارسة الحلم جرم مشهود على وظيفة شاغرة لتسجيل وجود ما ... وبقدر ما يكون الحلم عاصفا ترتفع مكانة الإنسان ويرتقي طموحه وينبسط له من الإرادة ما يكون وما هو كائن ...كانت كلمات مفعمة بالحلم الذي يراودنا في عين الشمس وهي تزحر لهيبها على روؤس الطلاب في طابور الصباح ..
وبما أن الأشياء والأشخاص تصبح جزءا منا كلما اعتدنا المرور عليها كل يوم ، فإن فلسطين كانت ذلك الوِرْد المونِق لمن يحاول أن يتمرن على هجاء الألم ساعة من الحقيقة !!
الحقيبة يزداد ثقلها ككتلة من متفجرات على وشك ان تقصف ثكنة عسكرية في طولكرم أو الناصرة ..
شطيرة المدرسة تغدو مددا لما بعد النصر .. فالتمرات المرهقة توشك أن تثمر خلف الجبال حيث رياح تهب من لا مكان ...
تفاصيل اللباس أو أناقة الحذاء أقنعة مستعجمة فالتخفي بالرتابة أقوى تمويها على العيون المتربصة وتلك اللاهثة خلف الأشجار ..
الكتابات على اللوح الأخضر بالطبشور الأبيض في الصف الثاني عشر لم تحمل سوى ابتهالات الجنود الموشحة بوصايا الوداع ...
يتزملها الشهيد وهو يزف لحوره العيناء وقد طال بها الشوق كما استمرأ به الفرح ..
الشفاه المتقاذفة حولي لم تكن حريصة على أن تبعث في داخلي معاني جديدة ... والصور المتجردة من الحسن تناثرت متسربلة بالدم ...
ألوان الحياة شطرتها شظايا الأبيض والأخضر و....الأحمر !!
الحلم يطوف بعقلي مدمنا الحياة ذلك أن أحلامنا هي بعض واقعنا في الغيب !!
تماما كما وصفته لنا معلمة الجغرافيا في درس التفسير : جبال من خلفها جبال من تحتها أشلاء صخور ، تكاد كل قمة منها أن تفشي سرّ وجه تدثر الموت يقينا ..
نساء بثياب العزاء يهللن بالزغاريد.. وأطفال بأنصاف أجساد يبحثون خلف التراب ...
وعلى وعد من الرؤيا كنت أمر على الزمن أحتضن البندقية ..هوية الميلاد في أرض الرحيل ..
السنون تمضي وكآلة من عصر البخار يحترق من العمر بقدر ما تنبعث من الحلم رائحة الموت ...
********************
انتظرته ليالي عددا كي أبثه حرائق الشوق وغرائد الهوى ...
أجاب ردحا من الرسائل ثم... ما لبثت الرسائل أن تعفنت ...
القمر وحده سفرة اللقاء بيننا .. إسفاره صورة كل منا لدى الآخر ..
لم أرسمه ولم يشكِّلني فالكلمات أجود من أن تسير خلاف ما تشتهي الأرواح ..
هاهو البريد شرع يشيخ من الترقب وأنا أهرول في ساحة النجوى أعترض الصبر
...الحروف في معجمي ما لبثت غير قليل حتى خرست ..!!
في بعثرات طفل خديج من الوعي عدت أدراجي أبتذل المعرفة ...
الأشياء البسيطة هي الأشياءالأكثر ممارسة في حياتنا ومع ذلك فوحدهم الحكماء من يستطيعون أن يستدلوا بها على علامات تدعو الفراق أو تنعى اللقاء !!
وفي مهلة تتركنا ولهى بين أن نحلم أو أن نحب ينتحب كل غال إلى ثمن بخس يتقامره مرجفو الأمل !!
لنتكوَّم فرادى وحزانى في استفهام أزرق ....
لأن الخوف من الحلم قد بدأ يزداد !!
***************************

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )