العلاقات الاجتماعية تبدأ من : أنا -2-

(2)

يا أيــها الذين آمـــنوا 

علاقاتنا الاجتماعية ليست بوتيرة الصدفة، ولا ينتظر منها أن تكون علاقات عابرة. فالعلاقات الإنسانية الناجحة هي التي يطول أمدها وتستمر تمنح بركتها مع توالي السنين واختلاف الظروف. ذلك أننا عندما نخطط لإقامة عقد إنساني، صداقة أو زواج ، فإننا ندخله على نية "الديمومة"، كي نشعر بالاطمئنان في واحته، فنجتهد في أداء واجبنا تجاهه ليكبر ويصير سندا لنا في قادم الأيام.
لقد كان من تفصيل مما كُلِّفنا به  ونحن نستقر على هذه الأرض؛ أن نكشف عن حكمة الله في أن خلقنا خلقا مكرَّمًا على سائر ما خلق. إن العالم الجواني للإنسان والمتمثل في الروح وسلوكياتها؛ كالوعي، والتآلف، والمدنية، يزخر بالرؤى التي تجعل من العلاقات التي نعقدها نسيج أنفسنا وحدنا، تقوي جانب الروحانية المطرد، وتمدنا بالتوافق مع الذين نرى أنهم جديرون بالبقاء إلى جانبنا وفي حياتنا زمنا ليس بالقصير.

فكرة المرايا

الأشخاص المنصهرون في علاقة ما، ينتظرون من بعضهم أن يكون كل واحد مرآة للآخر، و كما يرى عيوبه وضعفه وتشاكلاته، فإنه يرى كذلك مزاياه الحسنة و طموحه لأن يصير أفضل. وبما أن المرايا عاكسة دون تمييز، فإن رؤيتنا لأنفسنا في ظنون المرتبطين معنا هي  كذلك شاملة ودقيقة و حقيقية، والأهم؛ أن الأمر يتم بصورة آمنة تماما. وفي تجاذبنا الروحي مع "مَن نحب"؛ نستطلع مدى حبنا نحن لأنفسنا وتقديرنا لمواهبنا، حيث نتخلص من المسببات غير الصحية للعلاقات الاجتماعية، من مثل: صورة الضحية التي تحتاج المساعدة، عقدة الذنب غير المغفور، نظرية النقص الموَّرث اجتماعيا. وكلما استقرت أرواحنا أعمق ولمدة أطول في هذه العلاقة سنلمس السكينة والسلام والتجدد مما هي بعض ثمرات الاستقرار في العلاقات الدائمة.

العمل عليها

إننا بحاجة لأن نتعلم مهارة تنمية الجانب الروحاني في علاقاتنا الاجتماعية، فالتقاليد كتبادل الهدايا، والدعوات المكلفة، والمجاملات العرضية، لا توفي لنا "الأريحية" في العلاقة، بل إنها تحولها إلى ضريبة اجتماعية تضاف إلى فزاعة الاستهلاكية المضجرة مما يثقل كاهل حياتنا كل يوم
وعند التدبر في العلاقات ذات القدسية: كالعلاقة مع الله، والعلاقة مع الوالدين، يبرز البعد الروحاني كأساس بناء، وحصن صيانة، واستدامة كيان، تحيا في داخله هذه العلاقات المقدسة التي لا محيد للإنسان من الاشتغال بها أو الانشغال لأجلها. وفيما هو نازل من العلاقات التي نختارها خلال مسيرنا الوجودي، تتصدر السلوكيات الروحية ، من مثل: الكلمة الطيبة، والنصح الرحيم، والعمل الصالح، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والصبر، وكأنها على الحقيقة لا التشبيه؛ هوية ما نعقده من علاقات تساهم في إثراء تجربتنا في البقاء ونضجنا الباطني على أحسن الحال
عندما نعيش علاقات اجتماعية لا توفر لنا السعادة، ولا نشعر بأنفسنا مكتفين ، بل على النقيض نجدنا دائمي الإحباط، غير قادرين على الفهم أو الرؤية الواضحة، نجهل لماذا نتعرض للتقليل من شأننا ونقص احترامنا، وأن ما يزال الكثير مما ينقصنا! مثل هذ العلاقات الفقيرة في التفاعل الروحي ينبغي أن لا نتركها تستنزفنا أو تعيق نمونا الداخلي، فقد أتينا إلى هذا العالم كي نتطور بوجه واحد هو التقدم، وما لم نجد مَن يدعمنا لأداء هذا العمل الصعب، فعندئذ يكون الوقت قد حان لمواجهة أنفسنا والطرف الآخر، واتخاذ القرارات اللازمة لإنهاء العلاقات ذات الفشل المتكرر

إزالة الغموض الثاني: "الروحانية" مكسب العلاقات الطويلة الأمد، وكل علاقة لا تمنحنا "الاستقرار" فلا خير فيها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )