العلاقات الاجتماعية تبدأ من : أنا -1-

(1)


على قدم المساواة

قد يكون زمننا هو الأقل حظوة من العلاقات الاجتماعية الناجحة؛ على الرغم من كثرة وسائل التواصل الاجتماعي
كل ما يثير دهشتنا ما ينبهنا لوجود "خللٍ" قد صار ضاغطا ضد أن نعيش التوازن السليم في حياتنا
إن الصعوبة في تأسيس العلاقة الاجتماعية ابتداء – أيا كان نوع هذه العلاقة- ثم الحفاظ عليها، أو ربما إنهائها فيما بعد؛ إنما تتأتى هذه الصعوبة من أننا لا نبحث خلف النقاط الظليلة داخلنا، تلك التي تتفجر منها الدوافع الحثيثة نحو إقامة العلاقات الاجتماعية بنجاعة، أو الإحجام عن تأسيس أي علاقة وبإصرار
أن نتلمس مقدار حاجتنا، وتأثير ضعفنا، وقوة سيطرة أفكارنا الماضية على طريقتنا الاجتماعية في التفكير، مراحل من شأنها مجتمعة مع أخرى عديدة؛ أن توصلنا إلى البر الجامع حيث نعيش أفضل حالاتنا في علاقات اجتماعية آمنة وثرية بالمغزى
السؤال المفتاح لكل العلاقات الاجتماعية هو: لماذا أريد بناء هذه العلاقة الاجتماعية تحديدا؟
أسلوب تعاملنا مع الشخص الآخر يتحدد من وجهة نظرنا تجاه أنفسنا. أولا: هل أراه نظيرا لي، هل أراه منافسا لي، هل أراه كبيرا عليّ أن أتكافأ معه، هل أراه دوني بوجه ما..إلخ ، أيٍّ من هذه المواقع هو خيار يعود إليّ وحدي، فأين أضع نفسي أولا من هذه العلاقة!؟
مبدأ "المساواة" هو الأساس السليم لعلاقة اجتماعية ملهمة تأخذ بأطرافها نحو إضافة "قيمة" حقيقية وأصيلة لتطورهم وجوديا: نضج شخصياتهم، وعمق معرفتهم بأنفسهم، وصحة ثقتهم بالحياة
والمساواة ليست نابعة من عوامل مادية أو مواصفات قياسية خارجية، وإنما تكمن في أن نلتقي مع الطرف الآخر في الرغبة من بناء هذه العلاقة بذات الدرجة من الحماسة والإرادة والاستعداد لبذل الجهد للتغلب على العقبات التي قد تواجه هذه العلاقة يوما ما
من القاتل في أي علاقة ؛ أن يكون أحد الأطراف ممتلئا بالشغف، ولا يتردد في أن يبذل كل ذاته لتهيئة أرضية صلبة لهذه العلاقة، بينما الأطراف الأخرى تكتفي بموقف المتأثِر أو المتعاطف أو ربما المتفرج! المساواة في الجهد قانون فيزيائي يحفظ توازن الكون، لأنه يُبقي المسافات بين الأجرام الهائلة والكثيرة مسافة ثابتة تحفظ لها ذاتها وتمنحها مساحة للتفاعل مع غيرها كذلك
الشكل الآخر للمساواة في العلاقات الاجتماعية هو الإقرار بالحق الإنساني المشترك، فكل الأطراف لها الحق في أن يلحقها التعب، و التذبذب، والابتعاد أحيانا. وواجب الأطراف الأخرى أن تتدخل في الوقت المناسب لأن "تلتقط" الطرف المغترب وتعيده إلى العلاقة.. إلى حميمية هذه العلاقة. لذا يصبح وجود علاقة اجتماعية ناجحة ضرورة ملحة لسلامة فاعليتنا أولا، لأن الحياة لا تتركنا وشأننا، وإذا لم نشعر بوجود اليد التي تمتد لنا كلما سُحقنا تهافتا تحت وطأة التراكمات اليومية؛ فإنه لا معنى لوجود هذه العلاقة أصلا، فضلا عن تحمُّل مشقة إبقائها والبقاء فيها
وهكذا نكتسب اعترافنا الأول بأنفسنا للوصول إلى هدفنا من تأسيس علاقات اجتماعية ناجحة
إزالة الغموض الأول: إننا "جدراء" بأن نكون في علاقة اجتماعية ناجحة، لأننا "بالتساوي" مع كل طرف آخر يرتبط معنا في علاقة اجتماعية ناجحة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )