في ماذا نتحدث؟ المشاركة

أفكار للحوارات

كتبت في مشاركة سابقة بعنوان (العلاقات الاجتماعية تبدأ من أنا: حوار الحب) عن أهمية وجود الحوار بين الأطراف المندمجة في العلاقة الواحدة، ووضعت أمثلة لبعض المسارات التي قد تشغلها الحوارات الجميلة والمجدية في حياة العلاقة. ونظرا لأهمية "الحوار/ الحديث" في البرهنة على حماسة الأطراف في البقاء ضمن العلاقة الواحدة ، نتابع ابتداء من هذه المشاركة؛ سلسلة من المقتطفات القصيرة حول أفكار للحوارات تناسب أنواعا من العلاقات ذات الأمد الطويل وليس العابر أو الوظيفي. وفي كل مرة سنلتقي مع الحوار من وجهة نظر جديدة نُبرِق إليها هنا إشارة؛ مستبقين لمخيلة كل طرف فرصتها بأن تبذل واجبها الوجودي في ابتكار المزيد والمبدَع
الحوار من وجهة نظر : المشاركة
المشاركة هي أن تنفتح على الطرف الآخر لأنك تؤمن بأن لديه هو الآخر شيئا يشاركه معك. وما لم تكن هذه المشاركات متقاربة في حيويتها، ووجهتها، وما تؤثر به  عاطفيا على متانة العلاقة بين الطرفين، فهذا يعني أن هذين الطرفين غير ملائمين لبعضهما
لذا يمكننا أن نعتبر الرغبة في الانفتاح ، أي المشاركة في الحديث،  من المعايير الأولى في الحكم على جودة العلاقات التي نعيشها
في كل مرة اسأل نفسك هذا السؤال: هل يمكنني مشاركة هذا الأمر معه/ معها؟ ما نطلق عليه"هذا الأمر"، هو الاحتمالات التي نناقشها في سلسلة مشاركات "أفكار للحوار/ في ماذا نتحدث؟". ولا بد من التنبيه إلى أن أفكار الحوارات المثبتة هنا، هي لتلك العلاقات المؤسسة أصلا بين الأطراف المختلفة، والتي كان لمرور الزمن عليها شوائب من الروتينية صبغها بالجفاء والفتور، وصار يلزمها جهدًا من الإنعاش والرعاية السليمة لجسد العلاقة الحقيقية
ليس الهدف من إبرام الحوارات بهدف التشاركية، أن نتحول إلى مهمة "الباحث" النهم لجمع المعلومات وتقصِّي الحقائق، إن الغاية من عقد الحوارات بين أطراف العلاقة الواحدة ، أيا كان مسمى هذه العلاقة، هو إيجاد سبب نلتقي حوله، ورافدا يغذي استمرارية وحيوية الوقت الذي نقضيه معا

فكرة(1)+ صياغة حوار

مشاركة ما ينبغي/ ما لاينبغي
هل بالضرورة أن نتشارك كل شيء؟! تاريخنا الماضي، تجاربنا الفاشلة، تاريخ عائلتنا الممتد والمليء بالقصص، عاداتنا الخفية، أفكارنا غير المنطقية، تقلبات مشاعرنا، معاييرنا في الحياة، الحدود التي نود الاحتفاظ بها حتى في حال كنا في حياة مشتركة مع الطرف الآخر!؟ كل هذه النقاط مرهونٌ الحديث حولها من عدمه؛ بحسب ما نجد في أنفسنا من ميل للإفصاح عن تفاصيلها. ففي كل حوار يجب أن يكون الطرفان حاضرين ومستعدين للتفاعل والأخذ والرد، وفي حال كانت النقطة المطروحة للنقاش تسبب القلق أو الحرج لأي واحد منهما، فمن الأفضل التصريح بذلك بيسر وعفوية
( هناك الكثير ما يزال يجثم في أسراري لأحدثك عنه! كلما تقدمت لأمتلك شجاعتي وأفتح كياني أوسع، يصدني الخوف من جهات عدة: فأخاف أن لا أُوفَّق أنا في ترتيب الوصف لتظهر الصورة واضحة، وأخاف أن لا تُقدِّر أنت خطورة أن يجعل الإنسان ذاته شفافة أمام أخرى، ثم أخاف أن نتوقف معا فجأة فتؤول الصراحة غموضا وخطأً غير قابلين للنسيان ولا للغفران! ولكني أدرك بشكل جليّ؛ أني أريد لما بيننا أن يستمر بالقوة ذاتها التي ابتدأ بها، بل بحفاوة أكبر حصدها عبر السنين والمؤالفة. لقد جئنا إلى الزمن الملائم لنا لنعيش "سويا" متشاركين حدود الحياة أولها وآخرها، وندور في عسرها ويسرها، كقدَرِ المتشاركين في الحلم والهمّ والوقت
كل ما أطلبه منك، أن تستمع أولا ، وأن تتفهم ثانيا، ثم أن تشارك ثالثا، وهذه الأخيرة مهمة جدا عندي! لا كي أقتحم عليك هفوات أو خفايا؛ ولكن لأن المشاركة تشعرني أنك كذلك تريدني أن أستمع لك أولا، وأن أتفهم ثانيا، ثم أن أظل أشاركك مرات عديدة قادمة لئلا ينتهي ما بيننا من حديث ؛ هو حظِّنا المشترك كذلك.)
-------------------------

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )