مقالات في الطاقة/ توأم الشعلة (1)

 مقالات في الطاقة  

(1) 


للاستماع الصوتي :

https://youtu.be/DTx2CjyL54w





عندما نؤكد على أن الدخول في عالمَي الوعي والطاقة والفروع المدرجة فيهما؛ إنما يأتي من ضعف المعتقد داخل الوجدان للمسلم/ المسلمة اللذين تعرضا لهذه الحقول غير العلمية، فإن السؤال الأولي: ما هو هذا الشيء من المعتقد الذي ضلَّل صاحبه وألبسه هذه الدعاوى المضلِّلة؟ إنه جملة الغرائز الإنسانية التي تم عزلها عن تأثرها وتأثيرها في الاعتقاد، وهذا إنما ورد إلينا من أطروحات شرقية وغربية لا ترى أن مجمل حال الإنسان في الصلاح والفساد إنما هو نتاج ما ينتحله من عقيدة ويؤمن به من مذهب.  

عندما ندرس نظرة الإسلام إلى الإنسان سنجد أنه قد التفت إلى أن ما يسمى ب"الخُلُق" هو أساس لبناء المعتقد السليم. إذ لا يوجد في الإسلام فصلٌ بين الإنسان ومحصلة أفكاره وأفعاله. والأخلاق إما أن تنبع من اعتقاد سليم فتستقيم دعامتها، أو أن الانحراف في العقيدة يظهر أول ما يظهر فيها فينشر الشاذ من السيئات التي تصل حد الكبائر الهالكة.  

إن الطمع على سبيل المثال، يشف عن عدم الرضى بقضاء الله وقدره، وأن ما يعيش الإنسان في لحظته هو أتم ما يكون له من الخير في علم الله سبحانه وتعالى. ومن الأطروحات الواردة علينا، مجتمعا مسلما، فكرة أن تاريخ الإنسان على الأرض هو تاريخ الطمع، أو أن الطمع هو الذي تسبب في الاختراعات لتحسين وسائل العيش اليومي! إن الطمع في حقيقته ؛ يتسبب في تعطيل السعي الرشيد، حيث تختلط المعايير فيه بين الحاجة الملحة، والرغبة المغوية، والعداء المستحكم تجاه الحياة والناس.  

ولا مبدأ في الطمع يدعو صاحبه لتطوير ذاته أو الانفتاح على عوالم جديدة من الإدراك ألبتة، بل على نقيض هذا كله، يهبط الطمع بالإنسان لما دون الحيوان، لأنه يوقف في حسبانه كل معايير الارتقاء والجمال والتقوى، وهو التي تميز الإنسان في عيشه حين يتقبلها، وتضعه في موضع التكريم الأصل فيه وله.  

والطمع من أمراض الروح، وهو يفضي إلى الحرص والبخل والشح والتغلُّب على الغير، وحتى الظلم، وأول ما يظلم صاحب الطمع: نفسه، لأنه يحمِّلها ما ليس في وسعها ولا هو من طبيعتها، لأجل مطامع لا تلوح إلا في وهمه وحده. هذا الوهم الذي تقوم عليه كل مقولات الطاقة والوعي والتنمية البشرية، حيث تُطمِع الإنسان في أن يحقق ما يعجز عن تحقيقه! وهذا التناقض هو أهم إفرازات الطمع.  

من هنا يصير الطمع وهو طبع على جانب الأخلاق، مرتكزًا في العقيدة حين يقدح في الرضى بالقضاء والقدر، ويصير كذلك من الأدواء الروحية التي تضلل الإنسان عن غايته في توحيد الله وعبادته، ويؤول طول الطمع إلى إهدار قيمة الإنسان واقتياده من قبل كل ما هبّ ودبّ من أطروحات فكرية وأنماط سلوكية ليست من عقيدته.  

وعودا على بدء، فإنه ليس من ممارس للطاقة أو متعلِّق بشؤونها إلا وقد دخل من باب واسع باطنه الطمع وظاهره دعاوى تطوير الذات، وعليه، فإن التسليم لحكمة الله في خلقه وأمره تستوجب قطع الطمع المرَضي، وتثبيت العقيدة الصحيحة في نفس المسلم والمسلمة مما يكون وقاية لهم من تلاعب الطاقة والوعي ومجمل منظومة ادعاءات تطوير الذات.  

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )