ثمن العودة


 




وحدنا من يتحمل عبء إعادة ترميم حياتنا كلما تصدعت أو انهارت !
 نعم ، إننا نقدر أدوار المساندة المحيطة بنا ، من عائلة، وأصدقاء، وربما جماعات الدعم والجمعيات الصحية والمجتمعية ..إلخ ، ولكن في النهاية فإن العامل الأقوى يكمن في إرادتنا على التجاوز، هذه الإرادة في أن نطوي الانكسار لنخرج من العتمة؛ هي ما يولّد فينا القدرة على استحثاث العمل لإعادة إرساء ذواتنا في خطوطها الآمنة. صحيح أننا لا نعود كما كنا، إذ إن من أكبر الأوهام ما نزين لأنفسنا، من أن عبورنا المحن يعني عودتنا إلى ما كنا عليه سابقا !!
  كل تجربة نعيشها تعمل على غربلة عاداتنا، وأفكارنا، وقوانا الظاهرة والباطنة، إنها تُحِلّ نموذجا جديدا منا لا يملك من بصمات هويتنا سوى رابطة الاسم، أما ما تحت العطاء فإن المخاض العسير " لإنانا " الجديد يكون في فورته .
ولكن ما نقصده بالعودة هو استرداد قدرتنا على الوقوف في المواضع الصادقة التي هي "نحن"!  إن خارطة النفس الإنسانية أكبر من خارطة الحياة والتجارب المفروضة فيها. ولهذه الخارطة نقاط ارتكاز نحاول جهدنا أن لا تحيد عنها، لأن تلك الزوايا تحفظ لنا رؤية شاملة ودقيقة لتضاريسنا الفارغة و الممتلئة . 

العودة معناها : أن نتمركز حيث نملك أنفسنا ونسيطر على ردود أفعالنا ومسار أفكارنا ...
العودة معناها : أن نظل قابضين على دفة التغيير والتحول العاصفة منذ الأزل وحتى الأبد ...
العودة معناها : أن نُبقي على خط رجعة نحو مربع السكينة، فلا نسقط في اليأس، والانهيار .. واللاعودة !


نحن، لا الحياة ، محصلة توقفات غمرتنا منذ ولادتنا، وستظل تحفر فينا أخاديد نطمرها بالسعي والتجدد ، لأنه ما من سبيل أمامنا سوى أن نظل نسير بقدرنا ، ونزيح  صخور عن دربنا ، ونمسح العرق عن عزائمنا .. وهذا تحديدا ما نعنيه بالعودة .. العودة إلى الإنسان المكرّم فينا .. الإنسان المستخلف في الأرض .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )