ذاكرة أنثوية ( نصوص نثرية )

memories..
http://www.flickr.com/photos/dream_maze/4340418904/




من أقصى وهاد المجهول أخرجتها الحيرة 

داعبها نسيم صنوبري وريح معصفر

هي كالفراشات القادمة من ذرى الشمال

تعيش أسيرة الجبال البعيدة

يملأ أفكارها خيال الياسمين

ويداعب رؤاها غلام غريب الذكريات

يطاردها عبر الصدى وحنين الأغنيات

يصطاد لها القمر ليلا .. ويصادر لأجلها النجم فجرا !

وكأنه راهب أكبر شغله  أن يسقيها بالحلم زهرا

وأن يوسدها بالأمل وجودا

وأن يطري انتظارها ذكرا

وقد يسهر يحوك الشعر وينسج الضياء

ليوم يفرّ من شفتيه إذا غفى الهلال

و غطته  سكرة الفناء

---------

ذات أمنية  راحت تدغدغ خطو الجمال

هيفاء تخف الحبو نحو الجبال

مهجة حرى ونشوة طلقة

تعد الثواني بقلب نسي دقّه زمان الساعة والحساب

فلما آنست عتمة في المكان

رفعت أستارها وأنشدت باللحن النشوان ..

فلاح السَّحر يضج بالفتنة والأشجان

 وهناك...

هناك قريبا جدا

 ألقى صياد همّه ثم نام

وفيما هي تقبّل أهداب الليل وتغسل

ظلمة العذار بكأس النعومة والجلال

إذ بالصياد يهمّ من فوره قد أذهله الجمال

وتاهت به تراتيل الغناء

---------------

ما أقسى الحب حين يطرق القلب من مصارعين

ترنو العين  هنا والقلب ما يزال يئن هناك

يرقد الخاطر ساكبا السؤال في ورود زئبقية

والروح يشغلها الفرار بين أساطير الأبدية

والشوق يضيء الرؤى

ويصنع بريق النوار

هل تراها ترد الصياد عن لظى واضطراب

وتحنو جنونا على غائب لن يعود؟!

أم أن الهتاف ، هتاف الأمنية

يسقط روحها في هوى من أسى ومجون 

--------------

لاشيء يسكنها غير الألم والظلم

جدائل الوقت تنسدل بين الكائن وال"ما يكون"

ووجه كأنه الصباح

يتلكأ في مبسه الضياء

وئيد الخطى يتململ في اصطبار

يهشّ بالبرد

ويدمع بالندى

ويئن بالصدى

وهي في انتشاء الزهر قد ضمّه الشوك !

منذ دهر لم تراودها ذكريات أنها " واحدة "

أنثى...

روتها القصائد

وأسكنتها الحكايات

" ليلى " وَ " الجمال"

زمن يسلمها لآخر

وسؤال يجره آخر...

آخر لا هوية له ولا ميلاد

انقضت عدة الحولين عشرا

جف عطش القصيدة

بالحب لا بالأنثى يهرم الزمان

وأقبلت السنون تجر أطفالها الصغار

تتلمس تعبيرا تائها من سفر " كان " 

--------------

كدرب الظلال لا يهتدي إلى الجبال..

هي

ثرة الأشواق ، مثقلة الأمس والغد بالأمنيات ..

هي

تنادي في الفناء صدى يعود على الشفق المديد

هنا في الصخور والشعور يعيش الصياد في حنين

وهناك في المنابع  والظلال و الأحزان يشع القمر الوحيد

وفي صمت التذكر هي قائمة تسيل

كروضة عاثت بها أيدي الخريف 

بلا زهر ، بلا نخيل ، بلا همس حفيف

تدور على وجه الشتاء

دموعا ترقرق كل ماء

كالفضاء ، كالسحاب بلا انقطاع ولا انتهاء

يخيم غيم وضباب وأصوات تدق أجواق الغروب

مثلها الموت يعيش الاحتمالات

ومثله هي تنقص في أسى وترتعد في خفوت

هالها العدم القريب القريب

أفزعها انثيال الحلم غضا من صور الوجود

إنها تثوى كفراش الربيع في مسارح الجمال

صمت و ألم و وحشة من الخيال

تفر الروح منها عودا للقيود

يا ذاكرة أنثى لا تحيد ولا تلين :

إن شكوى الفؤاد شفاء وإن عز على الشوق الشفاء

و ليتات الشعر تؤخر الأنين

و تُلهم الشدو شجي اللحون

و تبعث في القبور  بقايا النشور

هكذا هي القصيدة بنت الأمل ونبت التعاسة

وهكذا هي الأنثى بنت الدمع وأمّ الذكريات

كلاهما نغم صلب على قيثارة مشبوبة الصبوة

بنات الوهم هما

ولكن.. موضع تجلي الخيال!

عطشى في أسراب الأماني 

وحدها المآسي الكبار تغذي الشعر

والأنثى ..

وذاكرة ما تزال...!

---------------

* كُتبت هذه السطور ارتشافا من روح : نازك الملائكة وَ فدوى طوقان


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )