الحب بينهما
الزواج سكن ومودة ورحمة... ولكنه حب أيضا!
لا يملأ مكان الحب إلا الحب نفسه، وكل ما يقال عن عوامل دافعة لاستمرار العشرة كوجود الأولاد، أو متقضيات الواجب الاجتماعي، أو أواصر الرحم الممتدة؛ كل هذه لا تستطيع أن تهيئ النجاح لعلاقة طويلة الأمد كالزواج ما لم يأت الحب أولا.
يقال الكثير عن التعويض مكان فقد الحب في الزواج، فيما لو لم يتحقق، إلا أن التجارب الإنسانية هي الفيصل هنا، وقد تراكمت هذه التجارب لتكون شهودا على أن تحقق الحب بين الزوجين ينعكس في بناء الأبناء روحيا وفكريا. فلا تجد ابنا هو ثمرة حب إلا وترى السكينة والتوفيق والشجاعة في الحياة والرغبة فيها؛ كلها ملامح شخصيته، حتى إن الغير يحب هذا الابن، من دون أن يعلم سبب هالة الحب التي تحيطه -أي هذا الابن- على مراحل حياته كلها.
وعلى النقيض، تجد الألم والكآبة والحيرة تضرب مَنْ هو نتاج زواج منضبط ولكن من دون حب بين الوالدين، وإن لأكبر الألم الذي يحمله الابن على حياته المضطربة، أنه يعيش ذنب ضياع الحب بين والديه، وهو من آصار الروح التي لا تغالب.
وقد يكون صعبا أن نضطر شخصين إلى أن يحبا بعضهما، ولكنه أقل مستحيلا، من أن يعيشا حياتهما الكالحة من دون حب، أيضا!؟
فالحب يخلق الحوار، والحب يوفر لحظات الفرح، والحب يربت على الحزن، والحب يُسْكِن الشقاق بينهما. فالحب هو تشافي العلاقات الإنسانية، أيا كان نوع هذه العلاقة، فإذا كنا نرتضيه في كل العلاقات حتى المنحرفة منها، فكيف لا نرتضي للزواج أن يكون حبا، بل وقصة حب يعيش الطرفان تفاصيلها المدهشة.
كل ما عدا الحب ينقضي بعد انقضاء مصلحته، إلا الحب فإنه يتمكن في قلوب أهله، لأنه لا سبب له من غير ذاته، يعرف هذا جيدا من يدرك معنى الحب، أي من ذاقه، وعلم أن قوة الحب أنه لا يعتمد على الخارج ليصدق بوجوده، بل إن كل مؤونته مشمول فيه، كالماء حياته فيه لأنه هو الحياة.
فإذا أردنا أبناء أسويا، وبالتالي مجتمعيا سليما، فلا خيار للأباء إلا أن يرتبطوا بشرط الحب، أو أن يعيشوا واقع الحب بينهما أولا.
تعليقات
إرسال تعليق