مذاق الحياة (1)

 



ما أصعب أن تكون إنسانا بلا إنسانية، وليس هذا بالاختيار بل بالاضطرار! إذ كلما قفزت إلى مرحلة جديدة في أيامي، أقول أني في هذه المرحلة سأعيش بإنسانية، ولكني أنقل معي ذات الجمود والخرس .. واللإنسانية.

مقصدي بالإنسانية هنا، هو أن تحيا متوافقا مع ذاك الذخير الفطري من المشاعر التي خلقها الله فينا. إننا كائنات راقية جدا، وهذ الرقي إنما أتى تلبية لقدرات ومواهب الرقي فينا. هذه المواهب التي لا يتم الكشف عنها بمجرد عبور الحياة على قاطرة كهربائية لا تقف إلا في محطة أخيرة، ثم ومرة واحدة فقط. إنه يتراكم وأنت تعالج سيرك بروحك كما بقدميك، للتوقف حين تتعب، وللتزود حين تنفذ، ولتعيد ترتيب خارطتك إذا وجدت أنك قد ضللت السبيل.

إنها جمالية حقيقية لتلك المسيرة التي تقول في آخرها: كانت الحياة ، كل الحياة، محصلة تجارب وخبرات.

الناس الذين يعزلون أنفسهم عن تجربة أنفسهم بكليتها في معاشهم اليومي، يكون قد فاتهم أن يعرفوا حقا من هم! ولماذا أتوا إلى الحياة؟ وما هو المطلوب منهم ليكونوا في أحسن تقويم كما خلقهم ربهم، وما يزال يخلقهم؟

اليوم، لا أرى مطلقا أن الذي يتمنطقون بالدين قد فهموا حقا دين الله، لأن دين الله أتى للحياة، وليس لخزائن الكتب، ولا الدرس الممل من حفظ المتون. تجارب الحياة تعلمك الدين، والدين يلقنك كي ترتاح فيما أنت فيها ريثما تطويها.

إن للحياة مذاقا، لا يشبهه غير ذاتها: النمو، التحول، الصراحة.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقه الحبّ 3 ( نصوص نثرية)

لأنك الرؤيا ( نصوص نثرية )

غضبة أنثى ( قصة قصيرة )