مذاقات كتابية - كتابة بنت نكتة
الكتابات هي شخصيات، تماما كاختلاف طباع الناس. فمن الناس من يغلب عليه اتجاه العلمية فتجد كل مؤلفاته تصب في قوالب محسوبة بصنعة المختبر، ومنهم من هو ابن قلبه، فحيثما يكون قلبه يقوم لسانه، ولو كان في العذاب فإنه يحيله كلمات وقوافي. وقس على هذا الكاتب سليل الفكر، والكاتب منحوت الفنون، والكاتب الشعبي ابن حارته، والكاتب المثقف عصير مكتبته وكتبه.
وهكذا هو الكاتب صاحب الروح الخفيفة، الذي يريد أن يشركك بضحكات نفسه، لأن طبعه يميل للفرح- بحسب ما علمته حياته القزحية!. وهذا النوع من الكتابات المرحة ليست بغريبة في محيط الكتابة العربية منذ بدأ تدوين الطرف والنوادر، وما تحمله من سخرية ونقد تجسيمي يدورعلى الشخصيات المجتمعية والأوضاع السائدة، ولعله صوتا لقول: "لا"، ولكن من دون تحمل تبعات ما بعد هذه ال"اللا".
وشخصيا، قد بتّ أميل مؤخرا، إلى الرأي لأن يجرب الكاتب قلمه في كل مذاقات الكتابة، لأن في كل وجهة منها، سيضطر الكاتب لأن يبني ثقافة الفن الكتابي الجديد، وهي ليست بمهمة يسيرة، ولكن حتى لو تخصص الكاتب في فن كتابي مستقل، فإنه ولا بد يفاد من الشعور بمستويات التعبير المختلفة فائدة ستغذي كتابته الأثيرة في النهاية.
وعلى هذا، أراني اليوم في فسحة لأن أختبر الكتابة بمذاق "المرح"، وهي ليست كتابة في نظم النكات والملح، كما أنها ليست كتابة ساخرة في نقد ساخر، إنما هي ذلك المرح الذي نميل إليه ونحن نتذكر بعض ذكريات الماضي، أو مواقف الحياة التي تركنا في دهشة الضحك!
مؤكد أن للمرح رصيدا في الكتابة، وأن هذه الفسحة هي في اتساع ما شرعنا لها الأبواب، لأن الأصيل في روح الإنسان أن يضحك، تماما ، كما هو يبكي، بل لعنا لا نشط إذا قلنا، بأن الفكر العميق هو دخيل على الوجدان الإنساني، وهو صورة صناعية خارجية للعقل قد لا تكون بديهية فيه بالضرورة.
إننا نود العودة إلى المتن المستطرد في طبيعتنا، ثم نطبعه على سطورنا، ولا أدري حقا كيف سيخرج هذا المخزون من المرح الكتابي في سطور وكلمات، ولكن ما أدركه جيدا: أن المرح لا يزاحم الجدَّ في عالم الكتابة خاصة، وأن الكتابة بالضحك لن تهز هيبة القلم الرصين مطلقا.
فلنجرب الكتابة بالمرح!
تعليقات
إرسال تعليق