المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, ٢٠٢٤

مجتمع "اللا" (4)

صورة
  مازلت  في حاجة للتأكيد على أن الهدف من هذه المقالات الموجزة؛ ليس الر على دعاوى الملحدين وتفنيد أرائهم، ذلك أن كل كتب العقيدة كافية بما  لا يدع مجالا لمزيد - إلا نادرا- في صد مفسدة الإلحاد من جذوره، فمن لديه شكوك عقدية فعليه العودة إلى كتب الاعتقاد خاصة التي ناقشت مسائل من نحو: إثبات وجود الصانع، والقضاء والقدر، والمشيئة والإرادة..إلخ مثل كتب مجموع الفتاوى الكبرى لابن تيمية رحمه الله. ولكن فكرتنا هنا هي أن نراقب شخصية الملحد، لأن الأنماط السلوكية والفكرية لهذه الشخصية تكاد تكون كاشفا مبكرا عن نوايا الإلحاد، أو احتمالية أن ينتهي حال صاحبها بأن يصير ملحدا.  والصورة التي نقدمها الآن، هي تلك المراوغات التي يلجأ إليها الملحد في نقاش الخصم، أو لإبراز ما لديه من فكرة أمام المستمع. ففي خضم ذلك التخبط الذي تدركه عاجلا، تكتشف أن الملحد لا يملك ما يقوله!! إنه قد يتحدث عشرات الساعات، ويطرق مختلف الطرق دون أن ينتهي من طريق واحدة! وهو في ذلك يهيئ لنفسه ، ولمن يسمعه تباعا، بأنه يمتلك معرفة واسعة بحيث تعجز الكلمات عن أن تحيط بها؟!  ولنا أن نقول أن هذه من أولى علامات أهل الباطل! فالحق له بيان قوي وخال

ما يسمى "الاحتياج"

صورة
  قريبا، مع انتهاء العام القادم 2025، يكون قد اكتمل الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، ما أسرع ما انقضت احتفالات الألفية!؟ مع دخول القرن الحادي والعشرين كانت التسارع في تثبيت "النمط الواحد" مسيطرا على الإنسان والعالم معا. ولربما لأول مرة نشعر بالانفصال بين الإنسان والعالم الذي من المتفرض أنه يعيش فيه ولا وجود له خارجه! ولكن ما حدث، أننا صرنا نضع تاثيرنا على الإنسان، ثم نضاعف هذا التأثر على العالم، فكل ما يخرج من هنا  يدخل هناك، وكل ما يثقل على هذا يخف على ذاك! حسنا، من نحن الذين صنعا كل هذا؟ نحن، وفقط! منظمة التجارة العالمية، العولمة، التجارة الحرة، التقنية الشاملة، الشركات العابرة للقارات ومتعددة الجنسيات...إلخ، ماذا عسانا نتذكر ، ولا ننسى، من مقولات افتتاحية القرن. ولكن، ماذا عنى هذا كله بالنسبة للإنسان، أنا وأنت، حيثما كنا وعلى أي حال كنا؟ على مسيرة الخمس والعشرين عاما الآخذة في الاكتمال، تم تقرير صورة نمطية لعالم يقوم على تلبية رغبات الإنسان المتسهلٍك. الاستهلاكية لم تعد إشكالية مجتمعية أو اقتصادية، لأن حاجة الماركات التجارية العالمية للتواجد على كل شبر على هذا الكوكب،

مجتمع "اللا" (3)

صورة
  كم جريمة قد يرتكبها الإنسان في حق عقله! هذا العقل الذي هو أداة ذات سلوك مضاد: قد ينفع صاحبه وقد يهلكه. ولكن الإنسان في ذاته صاحب الإرادة لأن يضع عقله حيث ينتفع به. ذلك أن آليات العقل مخططات خطيرة استودع الله فيها قدرات الاكتشاف والتحليل بما يكسر حواجز الخوف بين الإنسان والعالم الذي يعيش فيه.  إلا أننا نرتكب جرما في حق عقولنا حين نضطرها إلى مطاوعة "الهوى" إذ نحث هبتها التخيلية على تصور محدد، ثم نحمل العقل على وضع تفسيرات لهذا التصور الذي لم يكن نتاج استدلالته من الأصل.  هنا يكمن تناقض الملحد مع عقله في تصور الإله، ثم في جحد وجود هذا الإله تاليا.  الملحد افترض تصورا عقيما للإله، إله ليس فيه من الصفات ما يبرر وجوده أصلا، ثم كفر بتصوره هذا، في زعمه أنه كفر بهذا الإله!! والحق، أن الملحد قد كفر بعقله وأجرم في حقه حين ألزمه وجهة محددة للبحث والتفسير.  في زمننا هذا، لم تعد الأسئلة الفطرية من نحو: لكل صنعة صانع فمن صنع هذا الكون؟! لم تعد هذه الأسئلة وبعض ما تم تناقله من إثباتات الفلاسفة ذات شأن في الرد على الملحدين. ذلك أن أبرز سمات زمننا، هو التوسع في المصادر. فالإنترنت بما أوجدته

مجتمع "اللا" (2)

صورة
  الرابط الصوتي للمقالة:  https://youtu.be/hO5offXrNOU إن ما نقصده بعنوان النص" مجتمع اللا" هي مجموع الفئات التي تتكتل حول فكرة الإلحاد، أيا كان الاتجاه المعلَن عنها من قريب أو بعيد. وفكرة الإلحاد هي في جوهرها إنكار وجود الله عزوجل، ولعل أول ما قرره الله لنفسه في القرآن لإثبات وجوده كان فعل "الخَلْق"، فالله هو الخالق، وهو أمر لم ينازعه فيه أحد بالمطلق، حتى الذين قالوا بأن الطبيعة هي التي تخلق، لم يستطيعوا أن ينكروا من أي أتت أجناس الأشياء التي تآلفت فيما بينها حتى تشكل هذا الكون/الطبيعة! وهكذا فهم قد عادوا لما بدأوا به من الإقرار بضرورة وجود الخالق سبحانه وتعالى.  والحقيقة أن الإلحاد هو شر على النفس الإنسانية -أولا- قبل أن يكون معتقدًا منكورًا ومردودًا عليه.  فالملحد كما سنرى من صفات أفعاله هو إنسان قد طُمِسَت بصيرته، وصار في تناقض مع مسلمات العقل فيما يظن أنه يستعمله في إثبات إلحاده. ومع هذا العمه القلبي، لا فارق بين مستوى ثقافي أو طبقة اجتماعية أو دولة ينتمي إليها هذا الملحِد؛ لأن الطابع سيكون واحدا في الأفكار والأقوال والأفعال وحتى في تقاليد الحياة اليومية- لو ات

مجتمع "اللا"(1)

صورة
  الاستتماع الصوتي للمقالة:  https://youtu.be/hO5offXrNOU في مسيرة الإنسان على هذه الأرض، لم يخل يوما  من قناعته بضرورة الانتماء إلى معتقد ما، أيا كان هذا المعتقد، إذ يكفي هذا الإنسان أنه يلبي بذلك حاجة ملحة داخله إلى وجود "معبود" يركن إليه ويمتلئ بمعيته خلال تقلباته ما بين نفسه وحياته في أقداره التي لا فرار منها .  ربما يكون هذا الكلام بدهيا؛ وأن الخروج عن هذه الفطرة هو شذوذ عند كل المجتمعات الإنسانية، وإذ قد حدث زمنا فإنه قد كان  كارثيا على كل الأصعدة. ويكفينا شاهدا قريبا، الاتحاد السوفيني المنحَل، كيف أن بذور انهياره كانت تنمو بقدر تطرفه في الإلحاد، ولم يشفع التحديث العلمي والصناعي والاتساع الجغرافي في لملمة هذا الانهيار، بل اللافت  أن التطرف في الإلحاد كان مواكبا للتطرف في الحكم العنصري وعنف السلطة، ولن تجد في التاريخ القريب أمة خرج منها العنف السلطوي بقدر ما كان في أمم الإلحاد. إن الغريب في أيامنا هذه، أن تزداد العقول التي ترتضي بالإلحاد بديلا عن الإسلام في ديار الإسلام! وما يزيد في الغرابة، أن هذه الموجة تعلو ضد الإسلام خاصة، مع أن الإلحاد هو في ترك الانتساب إلى أي دين،