المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, ٢٠٢٤

التاريخ الشخصي لأرضٍ ما (1)/ الأصالة(أ)

صورة
  هذه سلسلة وليدة من الكتابات التي أبتغي منها قراءة الحياة كما حُمِّلتُها من الأرض التي عشت عليها. ولست هنا بصدد الكتابة عن تاريخ هذه الأرض وجغرافيتها، ولعل الأرض هنا هي رمزية لما قام فوقها من سيرة وحكاية، ذلك أننا في بشريتنا تختزل الأرض استطراد وجودنا لنخرج أشبه إما بالمدمجين بها أو النافرين عنها، إلا أنها حاضرة حتى لو أننا تنكرنا لها وهاجرنا منها.  ولعل الالتصاق بالأرض/ الحياة الذاتية، هو رغبة في العثور على "الأصالة"التي أتخلى عبرها عن الملاومة ذات الاتجاهين بين ذاتي وقدري، أو الوجهين المتقابلين بفكرة واحدة: وهي أنا، فيكون أحدهما ذاتي، والثاني كل آخر غيري. للحق، لم أكن يوما ذات هوس بعراك مع الخارج، ولم أر أن غايتي كانت التطلع المفرط للبعيد، صحيح أني عانيت من تكرار عقدة "إثبات الذات"نوعا من الانعكاس عن اتجاه التغييب الذي مشى معي مشوارا غير قصير من بكارة سعيي، ولكن حتى هذا لم يخرج ولا بصورة قريبة من صراع، أي صراع، على أي مستوى! لربما لإيمان طفولي متعقل بأن الله خلق الحياة تسعنا جميعا، وأن الاقتتال على وقت الحياة ومدخراتها هو نوع من الكفر بالله وحكمته. ولعل هذا يقرر-

أرض التوحيد

صورة
  عندما تنظر إلى هذه الراية تعلم أن حق الكلمة التي خُطَّت عليها  يتجاوز الزمن إلى أول ما أراد الله من خلقه يوم خلق السماوات والأرض: إنه التوحيد، الذي لأجله أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت الجنة والنار، وهو الفصل بين حزب الله وحزب الشيطان، وهو بلاغ الله إلى خلقه، وحجته على عباده، وبه كان قبول الأعمال أو ردِّها. والتوحيد نعمة في ذاته لا نطيق إحصاء حسناتها، فالتوحيد احترام للعقل البشري ، وسلامة للعالم الداخلي للإنسان، كما أنه صيانة لجناب الجماعة كاملة، وكيف لا يكون للتوحيد كل هذه البركة لو طالعنا كيف أن نقائض هذا التوحيد تضرب أمما فتحيق بها مهاوي الخرافة والشعوذة والرذيلة والظلم، حتى إن ضمور التوحيد في قلب الإنسان لا يخرجه من ملة الإسلام وحسب، بل إنه يحول به إلى أن يصبر "دابة" لا اعتبار لها لا في  دين ولا دنيا، فتصبح الجرائم عنده عادة، والخذلان حال متصلة، وكل هذا لانقطاع ما بينه وبين النجاة: ألا وهو التوحيد.  إن أكرم الذكريات التي أحفل بها في يوم البلاد الوطني، المملكة العربية السعودية؛ أننا درجنا على تربية قوية لصحة المعتقد في قلوبنا منذ كنا صغارا. ذلك أن خلو المجتمع من التق

الذكريات أكبر مما نحن فيه

صورة
موقف الذكرى أكبر من ذلك الذي فعلنا أو فُعِل علينا أو بنا! في الماضي، في تلك اللحظة التي قدّر الله أن تسوس حياتنا التالية بعدها، كانت التضاريس المحيطة أوسع من زاوية التركيز على قتامة الحدث أو حتى مسرته.  لو أننا عدنا لفتح الضوء على ظروف الذكرى، ماذا ترانا قد نرى؟ لافتة إعلانية بلون أصفر، امرأة ترتدي عباءتها بطريقة لم تعد معتادة اليوم، أطفالا يبكون عند دخولهم بوابة المدرسة صباحا، طوابير من الطلاب في المرحلة الإعدادية والثانوية أمام كافتيريا تبيع شطائر الجبن والبيض فقط! وهناك الحرارة ذات الرائحة الكيروسينة في محطة البنزين، والسماء تشبه الفتاة التي فاقت فزعة من نومها لأن موعد الحصة الأولى قد دخل. ولعل ثمة أمٍّ تصيح هنا وهناك سخطا على شقاوة أطفالها تشكل بصياحها وصراخهم خلفية موسيقية للمشهد الذي نحن على مقربة منه أكثر منها. والعديد المتنوع من موقف القدر لأكثر من شخص كان على حواف موقف الذكرى الخاصة بنا جدا- كما كنا نظن-! أين ذهب كل أولئك، لماذا قتلنا التشكيلة القدرية المكتملة واجتزأنا ما يخصنا فقط من مسير الحياة المتشابك بنا وبهم وبآخرين لا نحصيهم عددا!  ربما أنه في ذلك الركام المتهالك نجد إج

قصة الشيطان

صورة
  ما كان ليهيء لنا يوما أن تصبح قضايا الجن والشياطين ضمن أطروحاتنا الفكرية التي نناقش كما ننقاش أمور الاجتماع والاقتصاد والأدب  عامة!؟ ذلك أن هذه الأطروحات هي من جملة  مباحث قضية الغيب الكبرى، وما دمنا قد سلمنا بأن الله هو الغيب، وأن ما غيّب الله عنا من عوالم وأقدار، فلا مجال لنا للكشف فيها فضلا عن التسلط عليها؛ فإن هذا الاعتقاد بالتسليم التام لله فيما غاب عنا على مرادِ مطلوبِ الله منا من الإيمان بالغيب، هو الموقف الوحيد الواجب علينا اتخاذه لِنَسْلَمَ أولى وآخرة من تبعاتٍ لا حول لنا فيها ولا قوة عليها.  ولكن، ومن منحى آخر، قد نقول بأن الغفلة عن الشيطان وكيده هي من مكائد الشيطان أيضا؟! فكون الإنسان يعتقد بأنه في مأمن من تسلط الشيطان عليه، هذا بحد ذاته مخالف للمعتقد السليم جملة، وهو الوارد في قوله تعالى " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين"، وكما جاء في السنة الشريفة من أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، عدا عن الأمر بتعهد التحصين الشرعي صباح مساء وعند تغير الأحوال حماية للإنسان من تسلط الشيطان وأعوانه عليه.  من هنا ننتهي إلى أن المنجاة من الشيطان وكيده هي م