تجلي المتعة
كل من يريد أن يقدم نتاجا لا بد وأن تتجلى فيه روح المتعة! هو شيء لا يمكن فرضه، ولكنه يسري في الأعمال التي نقدمها حين نعيش فيها استمتاعنا ورغبتنا وشوقنا للامتداد البعيد الذي لا يحد مع كل هذا الشيء الذي من أسمائه : الوجود، الكون، الحياة..الإنسان. هذا التجلي للروح المستمتعة بما تؤدي يقطع الزمن ولا يقطعه الزمان، نقف أمامه تأخذنا رجفة الخلود، وكأن ما أحد كتب قبل هذا الكاتب، ولا أحد قرأ كمثل هذا القارئ، ولا أحد كان مع كل هذا الإرث المتراكم! والسر يجري في أن قليل القلة من عاش متعته في هذا النتاج . صدقا، فإني حين أقرأ عملا أدبيا، أتملى أولا: هل استمتع الكاتب وهو يكتب نصه، سواء أكان شعرا أم قصة أم رواية؟ عجيب هذا التساؤل، وهو شيء خارج عن مجال القراءة المباشرة، ولكني اكتسبت هذا النزعة إلى الاكتشاف عن جوانية الممتِع، من طول الدربة في قراءة الرديء، وأقصد به الجاف الذي يمليه كل دافع غير أن الكاتب اراد أن يعيش هنا و فيما يكتب، وحسب. وعليه نقيس، ما يملؤنا حين تقف أمام عمل فني يخبرك عن صاحبه الغائب: أن مؤلِفي أراد أن يعيش متعته بي، فمنتحته تلك رفاهية لأن أسري في وعي من سيأتي ويشاهد هذا العمل الممتع.