المشاركات

عرض المشاركات من يونيو, ٢٠٢٤

حسم العاطفة

صورة
  لا جدال بأن الأمور الموضوعية يلزم فيه الحسم في الرؤية والحزم في اتخاذ القرارات. إلا أننا لا نشتط في التفكير، حين نقرر بأن شجون القلب يلزمها الحسم في قطع مصدر الداء، حتى لا يحيد بنا عن الهدى والسداد.  العاطفة علامتها أنها لا-وقتية، بمعنى أنها تريد أن تنبسط على مساحة أيامنا كلها! لا ترتبط بزمن إلا ساعة القلب في ذاته، وهي لا تقلق من فوات حظها في شيء إلا ما يفوتها من اشتغال صاحبها بأحداث قصصها الوليدة .  ولكننا كلما منحنا العاطفة وقتها، ازداد كربنا بها ومعها. فهي لا تفتأ تطلب المزيد من احتياط أعصابنا وسلامة خاطرنا. إنها كالغول الذي لا يشبع من نشر الخوف في الليل! صحيح أن اتخاذ قرار القطع يسبب ألما مريرا، ولربما هذا ما يسبب لنا العَود عن إنهاء الموقف مرارا وتكرارا.  ولكن الهروب من مواجهة ألم القطع لن يبعد عنا وقوعه في لحظة قد لا نكون فيها في أحسن حالات قوتنا لاحتماله! لن يضمن لك ذلك مخلوق!! كلما كنا أصحاب المبادرة كانت قوة نفوسنا أوفر، ولم يتفلت أمرنا من بين أيدينا. فالسلامة ليست بأقل خطرا من العاطفة، إلا أن ما يميز السلامة أنها "قرار" نتخذه، في حين أن العاطفة هي " لا قرار&q

الأسى الأمض

صورة
  تٌرزَق في هذه الحياة، والحياة كلها رزق، من يجعلك تشعر بالأسى على نفسك! الرزق ليس ذلك الرغد الذي لا تشوبه شائبه الحزن تارة، والفرح تارات أخر، ولكنه الذي تطمئن  فيه بأنك ما تزال تملك حدة التذوق لتفرق بين مرارة الانكسار، وحرارة الرغبة في الخروج منه.  نتصور عدة مرات، بأن العلاقات الإنسانية ما كانت من حكمة لها في أن تٌخلُق إلا لتمحيص صبرنا على ما يفوقه. ذلك أنك لو تابعت حيوات أهل الخبرة بتقلبات المصير، فإنك ولا بد ستخلص إلى أن معاناة الإنسان مع الإنسان، وفي الإنسان، لهي أكبر داهية الزمن الذي يحياه كل منا.  الذي يجعلك تشعر بالأسى على نفسك؛ من هو؟! بأي قدرة منحته كي يملك من نفسك أن يذل نفسك؟ هل هو حبيب غدر وفارق؟! أم وليف لم يكن على قدر ظنك وحلمك؟! أم صغير الحال في حين كنت أنت كبير الانتظار؟! في حسباني المحدود، فإن من امتلك أن يذيب قلبك أسى على نفسك: هو ذلك الذي تمكَن من أن يقلب عليك عواطفك، أو بمعنى أجل، مَن وهبت له إدراكك ليعيد رسم ما تدركه عن نفسك، بما في ذلك قلبك وعقلك.  هذا الذي أبطلنا لأجله كل مقاييسنا العتيدة، والذي طمعا منا في الاقتراب منه: نرانا خرجنا من كل ما كان مستقرا في كينونتن

قصة مختلفة في الحب(1)

صورة
  اعتدنا أن نقرأ في منشورات الحب: بأن الحب يأتي فجأة! مثل سيل انحدر على قلبك من علٍ، أو صفعة قوية على روحك الخاملة، أو زلزال ضرب أركانك الخامدة؛ إنه كل ما يجعل الحب حدثا فوق الاستثنائي، يأتي في وقت استثنائي، وعلى شاكلة فوق -فوق الاستثنائية! ومع هذا الحب المصطدم بكلّنا، يركب كل من  الشغف وضرب من الجنون اندفاعا نحو الرغبة في الغرق - حرفيا- في الحب بكل تعرجاته، حتى لو كانت مواقفه قاسية أحيانا، على اعتبار؛ أن كل ما نمرُّ به هو من حراك الحب لننضج به وينضج بنا.  وقد كنت مثلك في هذا الظن. ولئن تقرأ مدوناتي القديمة هنا في الحب، سترى هذا الولع بإحداث التغيير الذي طالما أملنا به يتحقق من خلال الحب، حتى لقد تم تحميل الحب نفسه أكثر مما يحتمل. ولا شك أننا قد تلقينا هذا كله  من الروايات في كل ثقافات العالم، أو من الأدبيات التي تتحدث عن الحب وكونه محظة توقف غير مطروقة قادتنا إليها الأقدار لكي نقف ونتمهل وننظر من خلال الحب إلى أنفسنا فنعرفها كما لم تكن من قبل: تحارب الهواء، وتصدم في وجه الرمال، وتستبصر في وجه القمر- أي أنها تعرف ما تريد، ومن تريد!  حسنا، هذا النوع من الحب المعترض على نظامنا الوجودي هو