ترقية الاهتمامات
Photo by Joshua Rawson-Harris on Unsplash
أول ما يلزم من يريد أن يكون كاتبا؛ أن يرتفع بأفق اهتماماته إلى حيث يحترم عقل نفسه وعقل المتلقي معه.
كانت الفكرة عبر الحقب الزمنية؛ أن الشاعر ملهم بقوة إلهية، وأن صاحب الفكر إنما يستقبل الإشارات الخفية المبثوثة في الكون؛ رسائل يريد الخالق من يحملها إلى خلقه. إنها مهمة ما بعد الرسالات السماوية، بما يفتحه الله على قلب ذكي من مفاتيح الفهوم التي من خلالها يستبقي عروج الإنسان حتى ينكمش بساط الحياة عن وجه الأرض.
ومع أن البعض قد يرفض هذه القولبة الأيدلوجية لمهمة الفكر، إلا أن فشل هذه المهمة في الارتقاء بالمتلقي ، كما هو حادث في يومنا هذا، تعيدنا إلى شد وثاق المهمة "بالعلو" تفاديا لمزيد من السقوط.
الكاتب في القضايا الاجتماعية اليوم، اضطر وتحت ضغط التفاهة الاجتماعية على صفحات الويب مثلا- أن يتنازل في لغة خطابه الفكري واللغوي ليصبح لاهيا لاغيا عابثا، مسايرة للهو واللغو والعبث الطافح في الاجتماعية الإلكترونية!
وقد كان حريا بهذا الكاتب أن يترك ميدان كتابته بهزيمة شريفة، بدلا عن نصر مدنس!
متابعة قضايا المجتمع والحياة دون الانسياق إلى صرعاتها، شفرة ملغومة تجعل الكاتب يكتب وقلبه على فكرته، لأنها إما أن تنفجر به، أو تتلاشى هي تحت ما يخدع به نفسه من أنه يكتب، وحسبه أن يكتب!
إن الفشل الاجتماعي حين يحصل، سواء في الواقع المعاش أو عبر الافتراضي، ينبغي أن لا يسحب معه الكتابة والكاتب، لأن الكاتب يؤمن أنه في ذاته اصطفاء من الجموع، وسقوطه سيكون وحيدا أيضا.
و الهذرمة سلوك مذموم في الحديث المتكلم به أو المكتوب فيه، وحين ننظر اليوم إلى الكتابة المنشورة سنجد الفاعل الإلكتروني قد أصابها بعقدة "الهذرمة" بشكل صار يتعذر على المراقِب متابعته لرسوخه كوجه أوحد للكتابة.
إن شفاء الضد هو بالضد سواء، والتعافي من السقوط على الويب يقتضي التسامي عن العبثية المتسيّدة على صفحاتها، وهذا يعني أننا اليوم بحاجة للكاتب الزاهد في المتابعة، والنشر، والملاحقة الإخبارية بحسب منطق الاجتماعية الإلكترونية.
تعليقات
إرسال تعليق